هفتخوان اسفنديار

بسم الله الرحمن الرحيم.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

در هفتخوان اسفنديار و آن چه گذشت: ذكر هفتخوان اسفنديار و ما وقع

خوان نخست كشتن اسفنديار دو گرگ را: المنزل الأول قتل إسفنديار للذئبين‏

قال: فسار إسفنديار من بخل قاصدا قصد توران. فانتهى فى مسيره الى مكان يتشعب منه طريقان: فنزل عنده و أمره بمدّ السماط.

ثم قعد للشراب و أمر بإحضار كُركسار الأسير. و لما حضر أمر فتابعوا عليه أربعة أقداح من الراح ثم قال له: إن صدقتنى ما أسايلك عنه من أحوال ممالك توران و طرقها المفضية اليها آمنتك على نفسك و أصحابك و أولادك، و اذا رزقت الظفر جذبت بضبعك، و رفعت من قدرك، و ملكتك بلاد توران. و إن كذبتني لم يخف كذبك علىّ و قتلتك و مثلت بك.

فقال: إنك لا تسمع منى غير الصحيح.

فرفع جاما من الشراب فشربه على اسم كشتاسب‏ ثم أقبل عليه و قال: أعلمنى الآن عن روئين دِز ، و أخبرنى فى أى المواضع هى، و أخبرنى عن الطريق المفضية اليها و السهل و الوعر منها، و عن كمية أهلها و كيفية وضعها.

فقال: إن من هاهنا الى هذه القلعة طرقا ثلاثة: أحدها يقطع فى ثلاثة أشهر و فيه المنازل العامرة و البلاد الآهلة.

و الثانى يقطع فى شهرين و فيه مراع معشبة و مياه عذبة و لكن ليس فيه عمارة و لا قرى.

و الثالث يقطع فى أسبوع. و لكن هذا الطريق مملوء بالذئاب و السباع و الثعابين التى لا ينجو من معرتها أحد. ثم مع هذا فى هذا الطريق امرأة ساحرة خطبها أعظم و نكايتها أفظع من الجميع. و هذا كله مع ما فيه من مكاره البرية و العنقاء و البرد و الزمهرير. ثم يفضى الى القلعة و هى قلعة رأسها فى عنان السماء و أسها فى قعر الماء. و هى مملوءة بالعتاد و العدّة محتفة بواد عميق كثير الماء بحيث اذا أراد أرجاسب الخروج منها لم يمكنه ذلك إلا على السفن.

ثم إنه لو أقام فيها مائة سنة لم يحتج الى شي‏ء يحمل اليه من خارج. فان له فيها الزرع و الثمار و الأشجار.

فلما سمع إسفنديار ذلك أطرق ساعة ثم قال: لا طريق لنا سوى الطريق المختصر. فقال كُركسار : إنه لم يسلك هذا الطريق قط إلا من مل الحياة و سئم البقاء.

فقال له إسفنديار: إن كنت معى فسترى العجائب.

ثم قال له:فما ذا الذى نلقاه فى هذا الطريق فى اليوم الأوّل ؟

فقال يتصدى لك ذئبان ذكر و أثنى كأنهما فيلان‏ قوّة و شكلا. و لهما قرون كقرون الأوعال يكادان ينقضان بهما مبانى الجبال. أضراسهما عظيمة و أكتافهما غليظة و أوساطهما دقيقة».

ثم أمر بأن يردّ كُركسار الى موضع الحبس فى خركاه نصبت له ثم اندفع فى شربه مع ندمائه و أصحابه.

و لما أصبح من الغد ركب سالكا للطريق المذكور المسمى هفتخَوان فى جموعه و جنوده.

و لما قرب من المنزل خلف وراءه العسكر و أمر أخاه بِشوتَن بأن يسير بهم وراءه على سكون و تؤدة.

و تقدّمهم و سار فاعترضه الذئبان كأنهما غمامتان. فأخذ القوس و رشقهما بالسهام حتى أثخنهما بالجراح ثم بادرهما فمزقهما بالسيف كل ممزق.

ثم ترجل و عمد الى ماء هناك و اغتسل. ثم استقبل الشمس و جعل يتمرّغ فى التراب و يعرض عجزه علي ايزد و يتضرع اليه و يشكره على ما منّ به عليه من كفاية معرة السبعين.

ثم وصل بشوتن بالعساكر فرأى إسفنديار فى الصلاة فقضى العجب مما شاهد. و اجتمعت الأكابر و الأمراء و أثنوا و دعوا له. ثم نصبت الخيم و مدّوا السماط


خوان دوم كشتن اسفنديار دو شير را: المنزل الثانى قتل اسفنديار للاسدين‏

فأمر إسفنديار باحضار كركسار فجاء يرسف فى قيوده. فأمر فسقوه ثلاثة أقداح من الشراب الصرف. ثم سأله و قال: ماذا نرى غدا فى المنزل؟

فقال: يتعرّض لك أسدان هصوران اذا تغيظا و جاشا فى الغاب كادا يحرقان فى الجوّ منيع العقاب. فتبسم إسفنديار و قال: ستعلم غدا صنيع هذا الأسد بذاك الأسد.

و لما أن جنّ الليل و أظلم أمر بالرحيل.

فرحوا و تقدّمهم هو، و ترك العسكر مع أخيه كما فعل بالأمس. و سار الى أن ارتفع النهار فاعترضه فى طريقه سبعان كأنهما ناران تلتهبان. فبادر إسفنديار أحدهما بالسيف فشق من مفرق رأسه الى زوره بنصفين. و ارتاع الآخر لذلك و سال عليه فتلقاه بالسيف و ألحقه بصاحبه. و عدل و نزل و طفق يدعوايزد و يشكره. فلحقه أخوه و تلاحق الأمراء و القوّاد فنزلوا و نصبوا الخيم.


خوان سوم كشتن اسفنديار اژدها را: المنزل الثالث قتل إسفنديار للثعبان‏

و قعد إسفنديار و استحضر الأشير و عامله معاملته بالأمس.

فلما طابت نفسه قال له: أيها الشقى! ماذا تلقى غدا فى المنزل الذى بين أيدينا؟ فقال ما أدرى كيف يكون حالك غدا؟ إن أمامك ثعبانا يستخرج بنفَسه الحوت من البحر، و يستنزل العقاب من الجوّ . عيناه كالنار المشتعلة، و كأن بين فكيه حفرة من حفر الجحيم، و كأن ما بين منكبيه ركن جبل عظيم. و لو قبلت منى أيها الشهريار لرجعت عن هذا الطريق، و لم تلق بيدك الى النهلكة.

فقال له يا سيئ الظن! سأجررك بهذه الحالة حتى ترى العجب و تعلم أن هذا الثعبان لا ينجو من سيفى. فأمر النجارين فعملوا له عجلة و ركّبوا فى أطرافها نصولا محدّدة .

ثم أمر فعملوا له صندوقا كبيرا، و سمروه على العجلة، و ربطت على فرسين قويين. و قعد فى الصندوق و ساق الفرسين لينظر كيف مشيهما بها. فجرّاها و جريا بها كالرعد و البرق.

و لما كان الغد دقت الكوسات و ارتحلوا. فجعل عليهم أخاه و تركهم وراءه، و تقدّم بالعجلة و الصندوق. فلما سمع الثعبان جعجعتها نحط من رأس الجبل منحدرا. فتوارى إسفنديار فى الصندوق. فلما أسهل فغرفاه و ابتلع الفرسين مع الصندوق و العجلة. فنشبت النصول المركبة فيها فى حنكه و فكه فبقى لا يستطيع ابتلاعها و لا قذفها. فغرغر و أفرغ من فمه السم بحرا أخضر.

فانسل إسفنديار من الصندوق بيده السيف مسلولا فعلا دماغه بالسيف حتى شقفه، و سطع من نار سمه دخان فى الهواء فهلك. و خر إسفنديار صعقا من روائح السم. فوصل بعد ساعة أخوه و أصحابه فرأوه مغشيا عليه. ثم أفاق و قام كأنه و سنان أو سكران فخلع خفتانه لما أصابه من السم، و لبس ثوبا آخر. و طفق يبتهل إلي ايزد و يدعوه و يشكره على السلامة و الظفر.


خوان چهارم كشتن اسفنديار زن جادو را: المنزل الرابع قتل إسفنديار للساحرة

ثم خيموا على حافة نهر هناك. و استحضر كُركسار و سأله عما يراه من غده فى المنزل الذي بين يديه. فقال: اذا نزلت غدا تأتيك امرأة ساحرة تريك البر بحرا و البحر برا.

و قد رأت عساكر كثيرة فما بالت بها و لا أفكرت فيها. فقال إسفنديار: سأقتلها غدا و أقصم بقتلها ظهور السحرة أجمعين.

ثم لما كان الغد سار و خلف أخاه على العسكر. و استصحب مِزهرا و ظرف شراب و قدح ذهب، و سار حتى وصل إلى أرض شجراء فيها عيون جارية و أزهار زاهرة، و حدائق بأحداق‏ النرجس ناظرة. فاستظل بظل شجرة، و ملأ جامه من الشراب و حطه بين يديه، و أخذ المزهر فجس أوتاره و غنى.

فلما سمعت الساحرة صوته استبشرت و فرحت و قالت: قد ظفرت بصيد. ثم تصوّرت فى صورة حورية بيضاء ذات مقلة كحلاء و قامة ميلاء، و تبرجت و حضرت لديه.

فأظهر الفرح بها و ساقها قدحا من ذاك الشراب. و كان معه سلسلة يزعم أن زردشت أتى بها أباه من الجنة.

فألقاها على الساحرة و خنقها بها. فاستحالت فى الحال فى صورة سبع عظيم.

فقال لها إسفنديار: لا تنفعك الآن معى حيلة، و لا أهابك و لو صرت جبلا. فاظهرى فى صورتك التى أنت عليها. فتبدّت عجوزا شوهاء شمطاء، و متقلصة المشافر، غوليّة المعارى و المحاسر. فعلاها بالسيف و طير رأسها.


خوان پنجم كشتن اسفنديار سيمرغ را: المنزل الخامس قتل إسفنديار لطائر العنقاء

فوصل بِشوتَن و أصحابه و خيموا في تلك الغيظة.و أمر إسفنديار بإحضار الأسير فسقوه ثلاثة أقداح من الشراب الخسرواني.

و لما طابت نفسه قال له إسفنديار: انظر أيها الشقى! الى رأس الساحرة معلقا على تلك الشجرة، و أخبرنى عن المنزل الآخر و ما يعترضنا فيه.

فقال: إن الأرم فيه أصعب و أعظم. فكن فيه أيقظ و أحزم. إن أمامك غدا جبلا شاهقا عليه طائر يعرف بالعنقاء. و كأنه جبل يمرّ فى الهواء. و لو رأت فى الأرض فيلا تدلت عليه و اختطفته بمخلبها و مزقته بمنسرها. و لها فرخان متشابهان يُسِفان اذا أسفت، و يحلقان اذا حلقت. و الأولى بك أن ترجع و لا تتعرّض لشرها.

فقال إسفنديار: سأخيط جناحها بالنشاب، و أقطع رأسها بالسيف.

ثم لما أن رأى الليل قد اعتكر ارتحل بالعسكر و سار طول الليل حتى طلعت الشمس و ارتفعت و صارت كتاج على قمة الجبل. فخلف العسكر وراءه و استصحب العجلة و الصندوق. فرأتها العنقاء فانقضت عليها كأنها سحابة سوداء تغطى عن الشمس و تحجب ضوءها. فوقعت على العجلة لتنشب فيها مخالبها و تحلّق بها، على عادتها فى الصيد. فدخلت تلك النصول فى أجنحتها و رجليها. فضعفت قواها و سقطت الى الأرض تضطرب. و انسل إسفنديار من الصندوق و وضع فيها السيف و مزقها.

ثم سجد شكرايزد: فوصل أخوه بالعسكر و أصحابه و أولاده فخيموا و بسطوا فرش الديباج و بُسُط الحرير.


خوان ششم گذر اسفنديار از برف: المنزل السادس اجتياز إسفنديار الثلوج‏

و جلس إسفنديار و استحضر أسيره فجاء مصفر اللون لما رأى من نكايات إسفنديار فى تلك السباع. فقال له إسفنديار: أخبرنى أيها الخبيث! عما نرى فى المنزل الآخر. فقال: غدا تقع فى خطب لا ينجيك منه سيف و لا سنان يمطر عليك من الثلج ما يغمر الرمح فتبقى مع هذا الجحفل الجرّار تحت الثلج عاجزين.

و يهب هواء بارد شديد يكاد يمزق بزمهريره الحاء الشجر، و يخمد النار فى قلب الحجر. و مع ذلك فليس بعجب من سعادتك أن تسلم منه كما سلمت من غيره.

ثم إنك تفضى بعد ذلك الى برية فى نحو ثلاثين فرسخا تلتهب من حر الشمس، رملها مائر و ما يدب فيها نملة و لا يدرج فيها طائرة، و لا توجد فيها قطرة ماء و لا طاقة حشيش.

فاذا قطعت وراء هذه الأرض أربعين فرسخا فحينئذ تبدو لك القلعة. و وصفها بمعنى قول أبى فراس حيث يقول: لنا جبل يحتله من نجيره منيع يرد الطرف و هو كليل‏ رسا أصله تحت الثرى و سما به الى النجم فرع لا ينال طويل فضج الايرانيون حين سمعوا ذلك و قالوا: أيها الملك! لا تدر حول البلاء ما استطعت. و كلام كُركسار إن صح فنحن لم نأت هذا الموضع إلا للاستسلام للهلاك و الموت. و الرأى أن نعدل من هذا الطريق الى طريق آخر.

فغضب إسفنديار و قال: إن كنتم قد سئمتم و مللتم فارجعوا وراءكم فانى لا أحتاج اليكم فى هذا الأمر. و يكفنى أخى و ولدى عونا فى هذا الخطب.

فلما رأوا نعره اعتذروا اليه و قالوا: نحن عبيدك و نصحاؤك، و أرواحنا و نفوسنا فداؤك. و ما قلنا ما قلناه إلا طلبا لسلامتك و جريا على مقتضى النصيحة لك. فقبل معذرتهم.

ثم لما تبلج الصبح ارتحلوا و ساروا الى آخر النهار.

فنزل فى منزل هواؤه كهواء الربيع صافى الجوّ مُصحى السماء فنصبوا فيها الخيم و نزلوا.

فبيناهم كذلك اذ أظلم الجوّ و اشتدت الريح و نشأت سحابة أبرقت و أرعدت و أطبقت عليهم ثلاثة أيام بلياليهن تهيل عليهم الثلج هيلا حتى امتلأت الأودية.

فصاح إسفنديار بأخيه بِشوتَن و قال: قد اشتدّ علينا الأمر و ليس ينفعنا الآن رجولية و لا قوّة . و الرأى أن نلجأ الى من لا ملجأ منه إلا اليه. فإنه الكاشف للضر و القادر عليه. فاجتمعوا و رفعوا أيديهم و تضرعوا الي ايزد مبتهلين و دعوة دعوة الصادقين. فسكن الهواء و انجلت السماء.فأقاموا هنالك ثلاثة أيام.

و لما طلعت الشمس من اليوم الرابع أمر بحمل الأزواد و الاستظهار بالطعام و الشراب. و ارتحل بهم و سار الى أن عبر نصف الليل فسمع صوت الكركى فاستدعى الأسير و قال: أما قلت أنه لا ماء فى هذه البرية؟ فقال: هاهنا ماء ملح و بعده ماء آخر زعاق تشربه الوحوش.


خوان هفتم گذر اسفنديار از رود و كشتن او گرگسار را: المنزل السابع عبور إسفنديار النهر و قتله كركسار

فساروا و تقدّم إسفنديار و سار فأفضى الى بحر لا قعر له و لا ساحل. فتقدّم الساربان بالجمل الذى كان يقدم القطار و خاض الماء ليعبر فغرق الجمل. فأدركه إسفنديار فأخذ بأفخاذه و اجتره و استخرجه. فوقف و وقف الجميع فاستحضر كركسار و سأله عن المخاض، و أمره بأن يتقدّم فى العبور.

فقال: كيف يمكننى ذلك مع ما فى رجلى من أثقال الحديد؟

فأمر برفع قيوده عنه. فأخذ بزمام الجمل و خاض الماء و عبر، و تبعه العسكر حتى حصلوا من ذلك الجانب فخيموا و نزلوا للطعام و الشراب. فأحضر كركسار و قال: اذا أخذت مدينة أرجاسب فقتلته و قتلت أولاده و سبيت ذراريه و نساءه كيف يقع ذلك منك؟ أيسرك أم يسوؤك؟ فضاق صدره و سفه على إسفنديار و شتمه. فعلاه بالسيف و قتله و رماه الى البحر.

فركب وحده. و كان بينه و بين المدينة عشرة فراسخ. و سار و صعد الى بعض الجبال فرأى القلعة فاستعظم أمرها و استعضل داءها فأطرق مليا يقرع سن الندم على تقحمه فى تلك المهالك الصعبة، و تورطه فى تلك المسالك الوعرة، حين رأى حصانة حصارها، و وثاقة أسوارها، و كثيرة رجالها، و فسحة مجالها. فنظر فرأى تركيين معهما كلاب للصيد فى سفح ذلك الجبل. فانحط عليهما و أسرهما، و جاء بهما الى مخيمه و استخبرهما عن أحوال القلعة و الطرق المفضية اليها و عدد من فيها من المقاتلة.

فأخبراه عن أرجاسب و جميع أحواله، و ذكرا له أن فيها ثلاثين ألف فارس، و أن فيها من الذخائر ما لا ينفد فى عشر سنين، و فيها الحبوب مدخرة فى سنابلها. فضاق إسفنديار ذرعا بما سمع منهما فقتلهما.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ذكر ما يتعلق بها من فتح روئين دِز

رفتن اسفنديار به روئين‌دژ در جامه بازارگانان: دخول إسفنديار القلعة النحاسية بزي التجار ثم خلا بأخيه و قال له: إن هذه المدينة لا تفتح بالمحاصرة و المقاتلة. و لا بدّ فى ذلك من إعمال الحيلة، و الالتجاء الى المكر و الخديعة. فكن متيقظا، و فرّق طلائعك، و أقعد على بعض المراصد ديدبانا. فاذا أخبرك بأنه رأى بالنهار دخانا متراكما، و بالليل نارا عالية على القلعة اعلم أن ذلك من صنيعى فاركب و أقبل الى القلعة بخيلك و رجلك. ثم استدعى الساربان و أمر بإحضار مائة راحلة فأوقر عشرة منها بالذهب، و خمسة بالجوهر، و خمسة بالثياب. و أحضر مائة و ستين صندوقا، و أقعد في كل صندوق رجلا موسوما بالشجاعة و الجرأة من رجاله بعدده و سلاحه. و حملها على ثمانين راحلة. ثم غير زيه، و جعل على الجمال عشرين رجلا من شجعان أصحابه و أقامهم مقام الجمالين، و تزيوا بزيهم. ثم ذهب بهم الى القلعة. فلما قرب منها استقبله الناس و أهل الأسواق،و استبشروا بمقدمهم، و حسبوهم عير تجارة، و سألوه عما معه من الأقمشة. الأمتعة. فقال: لست أخبركم بشى‏ء ما لم أدخل على الملك و أخبره بحالى. فحينئذ أعاملكم و أبايعكم. فحط الحمول تحت القلعة، و أخذ طاسا مملوءا من اللؤلؤ الشاهى و فرسا و عشرة أثواب ديباج، و صعد. فأدخل على الملك فخدم و قدّم تلك التحف و قال: أيها الملك! إنى رجل تاجر. و كان أبى مملوكا تركيا، و أمى من الأحرار و قد صحبتنى أحمال من كل نوع من الجواهر و المفارش و الملابس. و قد قصدت بابك حتى أبيع و أبتاع بجاهك و تحت ظلك. و قد تركت الأحمال تحت القلعة.( و أتوقع من الملك أن يأذن فى إصعادها الى هذه القلعة). فقال: اشرح صدرك و طب نفسا. و أمر بأن يعطى دارا فى القلعة و دكانا أمام الدار حتى ينزل فيها و يبيع و يشترى كما يربد و يشتهى. فجاء الحمالون و حملوا الصناديق و الأحمال و صعدوا بها الى القلعة. فسأل واحد و قال لبعض الحمالين: رأى شى‏ء فى هذه الصناديق؟ فقال له الحمال: ما ندرى غير أنا قد حملنا أرواحنا على أكتافنا.» و حط أحماله فى تلك الدار.

قال: فحمل إسفنديار تخوتا من ثياب الوشى، و دخل على أرجاسب و قال: إن مع العبد أشياء تصلح للخزانة من الأطواق و المناطق و الأسورة و القلائد و غيرها. فليحضر الوكيل و ليأخذ ما يريد. و قدّم الثياب بين يديه فأكرمه الملك و أحسن اليه و أمر الحجاب ألا يمنعوه من الدخول عليه مهما أراد. ثم استخبره عن اسمه فقال: اسمى خُرّاد . فساءله عن أحوال إيران و إسفنديار فقال: فارقت تلك البلاد من خمسة أشهر و كل من الناس يتحدّث على حسب هواه فطائفة يقولون: نه وقع بين إسفنديار و بين أبيه. و جماعة يقولون: إن إسفنديار يسلك طريق هفتخوان.

فضحك أرجاسب و قال: إن النسور لا تستطيع أن تطير فى هواء هفتخوان. و استبعد ذلك.

ثم إن إسفنديار قام و خرج و فتح الدكان، و اجتمع عليه أهل المدينة، و نفقت سوقه و طفق يبيع و يشترى الى آخر النهار.


ديدن اسفنديار خواهرانش را و شناختن خواهران او را: مشاهدة إسفنديار أختيه و معرفتهما له‏

فلما خلا وجهه رأى أختيه حافيتين حاسرتين على كيف كل واحدة منهما جرة و هما خارجتان لنقل الماء. فوقفتا على دكان إسفنديار و فغطى وجهه عنهما بطرف كمه.

فقالت إحداهما: أيها الساربان! من أين أقبلت؟ و ما الذى عندك من خبر إسفنديار و كُشتاسب ؟ فان كان عندك خبر فأخبرنا به.

فانّا من بنات الملك كشتاسب، و قد وقعنا فى الأسر، و حملنا الى هذه القلعة. و نحن كما ترى تحت المهانة و الذلة نتبذل فى الخدمة على رءوس الاشهاد. و يا طوبى لمن مات فواراه التراب- قلت و هذه حالة عبرت عنها ابنة النعمان بن المنذر حيث قالت: بينا نسوس الناس و الأمر أمرنا إذا نحن فيهم سوقة نتنصف‏ فأف لدنيا لا يدوم نعيمها تقلّب تارات بنا و تصرّف.

قال: فصاح عليهما إسفنديار، و طردهما. فعرفته إحداهما بصوته، و هى هُماى ، لكنها سترت و كتمت طلبا للستر عليه. و جَعلت تبكى و تذرف الدموع.

فعلم إسفنديار بأنها قد عرفته فنحى طرف الكم عن وجهه و بكى ساعة. ثم قال لهما: اصبرا على ما تقاسيانه من الشدّة و البلاء أياما أخر.

و صرفهما من عنده. ثم أغلق دكانه و جاء باب أرجاسب فدخل و قال: أيها الملك! إنا لما توسطنا البحر فى متوجهنا الى هاهنا عصف علينا الهواء، و هاج علينا البحر و أشرفنا على الموت. فنذرت أنى إن سملت عملت دعوة عظيمة. و أرجو أن يشرف الملك عبده، و يحضر مع الأمراء و الخواص.

فأجابه الملك الى ملتمسه، و قال لأكابر أمرائه و أصحابه: احضروا غدا عند خُرّاد . فقال أيها الملك! إن منزلى يضيق. فأَصعدُ السور و أوقد النار، على ما يقتضى حال هذا النهر المبارك، و أفرح الأمراء و الحاضرين بالمنادمة على الشراب. فقال: الأمر اليك فافعل ما اشتهيت.

فوثب مسرورا و أتى منزله و أمر بإصعاد الأحطاب الى السور. فرّقوا اليه حطبا كثيرا. و ذبح خيلا و غنما و أوقد النار حتى ارتفع الدخان و استوى الطعام. فحضر الملك و الأمراء فطعموا و جلسوا للشراب.


تاختن پشوتن برادر اسفنديار بر روئين‌دژ: هجوم بشوتن أخي إسفنديار على القلعة النحاسية

و لما جن الليل و ثملوا انصرفوا فأشعل إسفنديار بقية الأحطاب، و استنار الجوّ بضوء النار. و حين رأى الديدبان الموكل من جهة أصحاب إسفنديار ارتفاع الدخان بالنهار، و اسفنديار النار بالليل سعى الى بِشوتَن أخى إسفنديار، و أخبره بالحال. فأمر بدق الكوس إشعارا بالرحيل. فساروا يسوقون نحو القلعة. فأعلم أرجاسب بأن عسكرا عظيما قد قدم من إيران. فنادى فى المدينة بالنفير. فكرب كُهرم بن أرجاسب فى المقاتلة و خرج بهم. فصافوا الايرانيين فرأى كهرم بشوتن أخا إسفنديار فى القلب فحسبه إسفنديار. فالتقت الفئتان فقتَل نوشاذر بن إسفنديار طرخان أحد أمراء أرجاسب أو أولاده فانهزم كهرم موليا الى القلعة، و أخبر أباه بمكان إسفنديار و كونه صاحب الجيش القادم. و وصف له شكله و هيئته و عدّته . فاهتم لذلك، و أمر جميع العسكر بالخروج من القلعة و بصدق القتال و بذل الوسع فى الدفاع. فخرجوا عن آخرهم حتى خلت القلعة من المقاتله.

ذكر قتل ارجاسب و ابنه علي يدي اسفنديار

كشته آمدن ارجاسپ بر دست اسفنديار: مقتل أرجاسب على يدي إسفنديار

فلما دخل الليل و أظلم الجوّ أخرج إسفنديار رجاله من الصناديق، و أطعمهم و سقاهم ثم قال لهم: إن هذه الليلة ليلة بلية فشمروا عن ساق الجدّ و حصلوا لأنفسكم ذكرا يبقى أبد الدهر. و قسمهم ثلاثة أقسام: فوكل البعض بيات القلعة، و رتب البعض فى وسطها، و هجم بالباقين على باب أرجاسب و وضع السيف فى الحرس و من كان على الباب. فلما أحس أرجاسب بذلك قام و هو سكران و لبس سلاحه، و قام فى وجه إسفنديار، و تضاربا و تصادما فأصابت أرجاسب جراحات أثخنته فسقط و قتل. و ارتفع الصراخ عليه و من قصره. ثم و وكل إسفنديار بداره و حرمه بعض خدمه. و عدل الى مرابط خيله و أخرج خيولا عربية فركبوها. و ترك فى القلعة جماعة يحفظون بابها. و أمرهم أن يرفعوا فى آخر الليل أصواتهم و ينادوا بشعار إسفنديار. ثم خرج من القلعة الى عسكره و أصحابه و هم نزول بقرب القلعة.


كشته آمدن كهرم بر دست اسفنديار: مقتل كهرم على يدى اسفنديار

و سمع كهرم أصوات الايرانيين و لغطهم من القلعة فاهتمّ و أحضر أخاه أندريمان، و تفاوضا فى موجب تلك الأصوات. فلما رأوا الصياح فى الازدياد انصرفوا راجعين نحو القلعة ليخرجوا العدوّ عن وسط دارهم فى الأوّل . فلما وصلوا الى باب القلعة لحقهم إسفنديار بجنوده و رمى بعض من كان من أصحابه فى القلعة برأس أرجاسب من أعلاها. فانكسرت قلوبهم، و انقصمت ظهورهم، و استسلموا للموت، وصلوا نار الحرب حتى امتلأت الأرض بجثث القتلى و أشلائهم و سالت الأودية و الشعاب بدمائهم. و أسر إسفنديار كهرم فولوا هاربين. و نجا من لم يحضر أجله و سبق به فرسه. و استأمن الباقون. فلم يؤمنهم إسفنديار و كان سفاكا للدماء، فوضع فيهم السيف حتى حصدهم حصدا.

ثم خيموا دون القلعة و نزلت العساكر و اشتغلوا بالأكل و الشرب و اللهو و اللعب و العيش. ثم أمر بنصب خشبتين عند باب القلعة فصلب عليهما كُهرَم و أندريمان ابنى أرجاسب. و عند ذلك انقضت دولتهم و تقضت أيامهم و امحت آثارهم. و كذلك سنة اللّه لى الذين خلوا من قبل. و لن تجد لسنة اللّه تبديلا. ثم فرّق إسفنديار أمراءه و أصحابه فى أطراف توران، و أطلق أيديهم فى القتل و الأسر و النهب.


نامه نوشتن اسفنديار به گشتاسب و پاسخ نامه او: رسالة إسفنديار إلى كشتاسب و الجواب على رسالته‏

ثم كتب الى كشتاسب كتاب الفتح، و ذكر فيه ما يسره ايزد له من الظفر و النصر و أخذه بثأر لُهراسب ، و اقتصاصه لمن قتل من أولاد كُشتاسب . و طير النجب و الهجن بالكتاب الى إيران، و أقام منتظرا ما يأمر به أبوه. فلم يمض إلا قليل حتى ورد جواب كتابه من‏ حضرة أبيه. و فيه، بعد حمد اللّه ، أنه قد طال شوقنا اليك و لا صبر لنا عنك. و قد قضى اللّه وطرك و حقق أملك. فأقبل إلينا مظفرا منصورا، و اقدم علينا منشرح الصدر مسرورا.


بازگشت اسفنديار به سوي گشتاسب: رجوع إسفنديار إلى كشتاسب‏

فلما ورد عليه الكتاب تجهز و فرّق جميع المغانم و ما حصل من الذخائر من خزائن أقارب أرجاسب و أمرائه على العسكر حتى أغناهم، و زادهم فى ذلك على مناهم. و لم يبق غير خزانة أرجاسب خاصة فإنه تركها برسم الملك كشتاسب، فأوقر منها مائة حمل من الجوهر، و مائة من الأكاليل و الحلى و الحلل، و ألفا من المفارش و المطارح، و ثلاثمائة من الجامات الصينية المدهونة و المخروطة. و اختار وصائف كأنهن الأقمار، و أرسلهن فى العماريات فى صحبة بنتى كشتاسب. و من جملتهن أختا أرجاسب و بنتاه و زوجته. ثم أمر، بعد تفريغ القلعة، بتخريبها و هدمها ففعلوا ذلك. ثم انصرف راجعا فى طريق هفتخوان. و لما قارب بلاد ايران تلقاه أولاده الثلاثة و أمراء أبيه. ثم تلقاه أبوه كشتاسب. و اتخذوا يوم الاجتماع عيدا و كادوا يطيرون فرحا و سرورا. و اجتمعوا فى مجلس الأنس و الطرب، و جعل الأب يشرب على اسم الولد، و الولد على اسم الأب.

و هذا آخر قصة هفتخوان و الحمد اللّه رب العالمين.