ليست الصفحة الأخيرة فى كتاب الثورة المصرية، مقال


"ليست الصفحة الأخيرة فى كتاب الثورة المصرية"

Mohamadyousefaddas.jpg

بقلم: محمد يوسف عدس


كنت قد بدأت فى تحليل مليونيات المعارضة الخمسة والعشرين كجزء من المخطط الأمريكي للقضاء على الثورة المصرية، وإنهاء الوجود الإسلامي فى السلطة، ووضع نهاية لزحف الربيع العربي فى المنطقة، الذى تعتبره أمريكا مهدِّدًا لأمنها القومي وللوجود الإسرائيلى.. فى هذا الإطار أشرت إلى ما أطلقتُ عليه الحرب الناعمة التى جرّبتها أمريكا فى انقلاباتها بدول أمريكا اللاتينية..


وقد توقعت إنقلابًا عسكريًّا وشيكا عندما استمعت إلى بيان الجنرال السيسى الذى دعا فيه القوى السياسية للتوافق فى غضون أسبوع مهددا باتخاذ إجراءات.. وملوِّحًا بـ"خطة طريق".. حتى الإسم إختراع أمريكى أستُخدم من قبل فى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولكنى فى الحقيقة لم أكن أتصور أن يكون الانقلاب العسكري بهذه السرعة.. ولا بهذه الحماقة.. ولا بهذه الروح الانتقامية الفجة فى تنفيذه:


إن المحلل السياسي ينظر إلى الأوضاع وتطورات الأحداث على الأرض.. وإلى الشخصيات التى تقود وتحرك: فى تصريحاتهم وعلاقاتهم وتفاعلهم.. وبناءً على ما يتاح له من معلومات محقّقة يجتهد فى بناء تصوّر لأوزان القوى فى الصراع الدائر، والاتجاه الذى يتجه إليه الصراع، و يتنبَّأ بالنتائج المحتملة..


أما إذا كانت هناك قُوَى تخطط لانقلاب ، فيستحيل أن يُدْخِلَها المحلل فى حسابه.. لأنه يستحيل عليه أن يعرف ما يدور فى عقول المتآمرين من أسرار.. إنه قد يستطيع أن يتنبأ باتجاهٍ لانقلاب وشيك؛ بناء على مؤشرات ترشح من تصريحات أو إجراءات غير عادية تطفو على السطح: وقد حدث بالفعل أن الجنرال السيسى هدد بمهلة أسبوع للتوافق بين الساسيين.. أكّدها بمهلة أقصر (٤٨ ساعة) .. وفى غضون هذا الأسبوع أمسك بزمام التحكم فى البث الفضائي لمحطات التلفزة.. وكان هذا مؤشرًا خطيرا على انقلابٍ و على اتجاهه القمعيّ..!


بمعنى: أن هناك خطة لإجراءات قمعية على نطاق واسع لا يراد لأخبارها أن تصل إلى وعي الجماهير.. وأن هناك عملية تعتيم كاملة على ردود الفعل فى الشارع من جانب الجماهير المعارضة للانقلاب العسكري؛ ولذلك أُغْلِقَ البث عن جميع القنوات الإسلامية ومنها قناة مصر ٢٥ وأغلقت قناة "لجزيرة مباشر مصر". ولم يعد أحد يعرف ماذا يحدث للملايين المؤيّدين للرئيس الشرعي المنتخب فى ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة فى القاهرة.. وفى الاسكندرية وسائر المدن المصرية الأخري.. ولم يعد يرى الشعب إلا ردود أفعال فلول النظام البائد فى ميدان التحرير.. والفرحة العارمة بالانقلاب العسكري ..


كانت الوقائع على الأرض ترجّح كفَّة مظاهرات المؤيدين على المعارضين؛ فحسب تقاريرمصرية، وعالمية.. قُدِّرت النسبة بخمسة إلى ثمانية أضعاف لصالح الجماهير المؤيدة.. وأن الجانب المؤيد كان يجذب أعدادا متزايدة.. حتى من غير التيارات الإسلامية؛ الذين بدأوا يدركون أن الذى يسيطر على المظاهرات قيادات معروفة للناس من فلول الحزب الوطني ورجال الأعمال المنتفعين من النظام السابق.. وأن البلطجية تقودهم عناصر من الشرطة هم الذين يطلقون النار على المواطنين المؤيدين ويقتلونهم.. وأنهم يقيمون الحواجز على طرق المواصلات الرئيسة ين القاهرة والمحافظات الأخرى.. ويفتشون عن الملتحين فى السيرات والذين يحملون معهم مصاحف ويحتجزونهم . بدأ الناس يشعرون أن الذى يجرى ليس ثورة ولا استكمالا لمسيرة ثورة، وإنما هي الثورة المضادة بأبشع تجلِّياتها..


كان الانقلابيون يتمحكون فى مظاهرات ميدان التحرير الذى شهد أكبر تجمع يمكن أن تحشده عناصر الثورة المضادة ؛ ليبرروا انقلابهم على السلطة باعتباره مطلبًا جماهيريا.. ولكنهم أدركوا أن الوقت لم يعد فى صالحهم.. وأن كفّتهم فى هبوط فأسرعوا بتنفيذ الانقلاب قبل أن تتضح صورة المؤامرة للجماهير بتفاصيلها الكاملة.. وقبل أن تتسع رقعة التأييد للشرعية.. ومن ثم كانت الضربة المفاجئة وكانت السرعة.. ومعها التعتيم الكامل على مايجرى على الأرض..


أود أن أنبِّه إلى أن الحشود التى جمعتها المعارضة للتظاهر ضد السلطة لم تكن -فى عددها ولا قوتها ولا تركيبتها الفلولية- بقادرة على إسقاط الرئيس محمد مرسى.. بحال من الأحوال؛ رغم دعم قوى التآمر الرسمية لهم.. ورغم طمأنة وحماية الشرطة .. وتشجيعهم على الاستمرار.. حتى تبقى الصورة الإعلامية لشعبٍ يطالب الرئيس بالتنحى حاضرة فى الفضائيات المحلية والعالمية.. كانت الحشود المصنوعة إذن مجرَّد ذريعة وواجهة فقط للانقلاب المخطّط سابقا.. ولم تكن هي السبب فى إسقاط الرئيس محمد مرسى..


فكرة الانقلاب العسكري بدأت بمؤشّرات مبكرة جدا عندما نُصح المشير طنطاوى بلبس زيّ مدنى والنزول إلى الشارع لجس نبض الجماهير ولكنه قوبل بفتور شديد وازدراء رغم أن المرحلة كانت مرحلة: "الجيش والشعب إيد واحدة" فلما تبين أن المجلس العسكري يماطل فى تسليم السلطة للمدنيين ويتخذ إجراءات قمعية ضد المتظاهري تغيرت أصوات الجماهير إلى: " يسقط يسقط حكم العسكر" ..


إلتقطت أجهزة الرصد الأمريكية هذا التحول وبدأت تفكر فى أسلوب جديد لعودة نظام الحكم العسكري فى مصر.. وجاءت أول إشارة إلى ذلك فى دراسات مراكز صناعة القرار الأمريكي التى رَشَحَتْ إلى بعض الصحف تقول: إن الاتجاه الأمريكي تحوّل إلى البحث عن وجه شبابي فى القيادات العسكرية.. يتم تهيئته على مهل.. على أن يصحب هذا إعداد المسرح السياسي والاجتماعي والاقتصادي فى مصر لتقبّل هذا التحوُّل الجديد .. وقد نجحت الخطة باختيار طنطاوي للسيسى [ وهو شخصية مجهولة لنا ولكنه كان معروفا ومقبولا.. لا من نظرائه فى أمريكا فحسب وإنما أيضا من نظرائه فى إسرائيل].. اختاره طنطاوى ليحل محلّه كشرط للانسحاب الآمن وتسليم السلطة للرئيس المنتخب ..


أما كيف استطاعت أمريكا أن تهيئ المناخ المناسب فى مصر لهذا الانقلاب فموضوع طويل يحتاج إلى كتاب لشرحه، ولكننا نشير سريعًا إلى مؤشرات دالة:


كان للسياسين فى المعارضة دور هام: هو مواصلة العناد وعدم قبول الحوار مع السلطة أو الاشتراك معها فى الحكم.. وإرباك السلطة بالمظاهرات والمليونيات المتلاحقة.. وإعاقة كل حركة نحو استكمال المؤسسات الديمقراطية و الدستورية... وكان للإعلام دور فى تشويه صورة الإسلاميين والتأكيد على عدم صلاحيتهم لإدارة البلاد وتضخيم أخطائهم والهجوم المتواصل على الإخوان المسلمين.. والتعتيم الكامل على أي إنجازات للسلطة.. أما دور القضاء فكان معروفا وظاهرا فى الأحكام التى صدرت منه على رجال النظام السابق بالبراءة ، وإلغاء مجلس الشعب المنتخب وتعويق كل الجهود التشريعية لمجلس الشورى..


أما بالنسبة لدور القيادات العسكرية والشرطة فقد بقيت تعمل فى الخفاء ترصد وتقدم إشارات مهموسة لأطراف المؤامرة.. لطمأنتهم وتشجيعهم على الاستمرار.. كانت القيادة العسكرية فى تواصل مستمر مع قيادات المعارضة.. ومع شخصيات معروفة بعدائها التقليدي لأي توجّه إسلامي فى السياسة.. وبصفة خاصة عداء شخصي لجماعة الإخوان المسلمين: مثل محمد حسنين هيكل فقد اجتمع مع قادة الانقلاب العسكري لمدة خمس ساعات ولا يمكن أن يتصوّر عاقل أنهم قضوا هذه الساعات الطويلة فى لعب الشطرنج أو البوكر؛ فلابدَّ أنهم استخلصوا منه تجربة عبد الناصر فى انقلابه الشهير على الإخوان المسلمين..


وتناقشوا فى أدق التفاصيل لعمل انقلاب ناجح و طريقة تسويقه للجماهير.. ولا أستبعد أن محمد حسنين هيكل هو كاتب البيان الأول لقائد الانقلاب.. لفت نظرى فيه بشدة أن طريقة إلقاء الخطاب كانت على نفس النمط الناصري حتى الأخطاء اللغوية هي نفسها فقد كان عبد الناصر ينطق كلمة "بَدْء" دائمًا بكثر الباء هكذا "بِدْء" وهو خطأ لغويّ شائع عند من لا يحسنون القراءة الصحيحة ولم تتعود أعينهم على قراءة الآيات القرآنية فى المصحف..


من الناحية الاقتصادية: عملت أمريكا بكل نفوذها على تعويق القرض الذى طلبته مصرمن البنك الدولي.. ثم أقنعت دول الاتحاد الأوربي بعدم الاستثمار فى مصر بحجة أن الأوضاع فيها غير مستقرة.. وأن الحكم الإسلامي مصيره إلى زوال أكيد.. وحذّرت الدول النفطية العربية من تقديم أي مساعدات أو استثمارات فى مصر.. فلما نَشَذَتْ قطر وحاولت الاستثمار فى مصر حرّضت أمريكا الإعلام المصري وقوى المعارضة على تصوير هذا الاستثمار للناس بأنه بيع لقناة السويس لقطر.. وتعرضت قطر نفسها لحملة إعلامية قذرة ..


ومن ناحية أخرى قامت أمريكا بضغوط على الحكومة القطرية لسحب استثماراتها من مصر.. فلما لم تجد استجابة فورية من الحكومة هدّدت الأسرة الحاكمة لتتراجع وتم لها ما أرادت؛ فقد اختار أمير قطر أقل الأضرار..وتنازل عن الحكم لوليِّ عهده.. وسقطت حكومة الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية الجريئ.. الذى كان يقف بصلابة خلف الاستثمارات الكبرى فى مصر..


ولكي تغلق أمريكا بقية النوافذ فى وجه الانفراج الاقتصادي فى مصر..ولدفع الشعب المصري إلى حالة من الجوع والغلاء والغضب من حكومته المحاصرة، ولكي يبدو الرئيس مرسى فاشلا وعاجزًا عن توفير أبسط احتياجات الناس الأساسية.. كان أمام أمريكا نافذتان باقيتان هما: إيران وتركيا.. أما إيران فقد تولت الزعامة السلفية فى السعودية إقناع حزب النور السلفي بالوقوف حجر عثرة فى طريق أي تواصل إقتصادى مع إيران ورفعت لهم شعار الزحف الشيعي على مصر.. فهاج حزب النور ضد الرئيس مرسى بسبب فتحه باب السياحة الإيرانية فى مصر..


ومن ناحية اخرى مهّدت جهات أمنية مخابراتية لعملية انقسام فى الجبهة السلفية ولدفع حزب النور بعيدًا عن الإخوان.. إلى أحضان جبهة الإنقاذ؛ وذلك بتسريب قوائم بأسماء ٣٠ ألف من الإخوان المسلمين، مع الايحاء بأن هذا العدد من الناس قد تم تعيينهم لإدارة الانتخابات القادمة.. وأن السلفيين سيخرجون من المولد بلا حمّص.. ونجحت المؤامرة الأمريكية بشُعْبَتَيْها: السلفية السعودية.. والمصرية المخابراتية، فى إغلاق النافذة الإيرانية.. وضرْبِ وحدة التيار الإسلامي فى آن واحد..


أما النافذة التركية والأخيرة : فقد بدأت باضطرابات على الحدود مع سوريا من جانب الدكتاتور بشار الأسد الذى أطلق صواريخه على أهداف تركية .. مع تدفق أعداد كبيرة من النازحين السوريين إلى الأراضى التركية.. ثم جاءت الضربة التالية بتحريك حشود كبيرة من المعارضة العلمانية -التى كانت نائمة- للتظاهر والعصيان المدني.. ليس بسبب الجوع والغضب من الحكومة المتّهمة بإسلاميتها؛ فقد ازدهرت تركيا إقتصاديا وانطلقت فى آفاق عالية من الصناعة والزراعة إنطلاقة لم تحدث فى تاريخها الطويل عقودًا تحت النظام العلماني.. وتخلّصت من كل ديونها.. وحققت فائضا ماليًّا كبيرا بدأت تستخدمه فى استثمارات خارج تركيا.. وقد حظيت مصر ببعض هذه الاستثمارات .


كانت مظاهرات المعارضة التركية لأسباب واهية: تتعلق بإنشاء مجمّع تجاري ومسجد فى ميدان تقسيم؛ أهم ميادين مدينة استانبول.. إستلزم المشروع قطع بعض أشجار فى موقع البناء، فهاج إعلام المعارضة وانطلقت المظاهرات.. وقد رصدت الحكومة التركية قبل هذه الواقعة تدفق مئات الملايين من الدولارات الأمريكية لتمويل هذه الاضطرابات .. وأعْتقِد أن الرسالة الأمريكية قد وصلت إلى الحكومة التركية واضحة: إرفعوا أيديكم عن مساعدة النظام المصري فهو مغضوب عليه.. وإلَّا تلحقكم اللعنة الأمريكية كما لحقت بمصر.


كان محمد البرادعي يهدد دائما بثورة جياع فى مصر ويلح على الإسراع بالتدخل العسكري قبل أن تفلت السلطة من الحصار الإقتصادي؛ حيث بدأت بإيجاد موارد بديلة مثل: مدخرات المصريين بالخارج.. والبدء فى إجراءات إصلاحية فى إدارات الدولة لوقف الفساد والنزيف المالي الذى يستهلك مواردها فى مرتبات باهظة لأناس لا يعملون.. كما كان يحدث فى وزارة الثقافة مثلا.. ومحاولة إسترداد أموال الضرائب التى لم يسددها رجال أعمال لصوص اعتادوا على التهرب من الضرائب المستحقّة عليهم: ساويرس كان متهرّبا من ضرائب متراكمة عليه بلغت قيمتها ١٨ مليار جنيه وكذا محمد الأمين وغيرهما من حيتان المال فى عهد مبارك..


أمام إلحاح المعارضة على الإسراع بالتدخل العسكري.. ويأس أمريكا من أن تحقق هذه المعارضة أي نجاح فى الانتخابات القادمة.. طلبت من المعارضة فقط أن تُنزل فى الشارع أعدادا أكبر من المتظاهرين .. وأن تصمد المظاهرات لمدة أسبوع فقط.. كذريعة تبرٍّر الانقلاب.. ولم يكن هذا سرًّا وإنما أعلنه صراحة سعد الدين إبراهيم قبل أيام قليلة من الانقلاب .. حيث قال: إن هذا هو شرط أمريكا للتدخل..


ولأن المعارضة لا تملك الأعداد المطلوبة من المتظاهرين بدأ التواصل السياسي مع الحزب الوطني المنحلّ، للمساعدة فى حشد متظاهرين ومهَّد له البرادعى بتصريحاته: أنه قد آن الأوان لنسيان الماضى وضرورة التفاهم والتعاون مع أعضاء الحزب الوطني [الشرفاء] ، وقد تم هذا تحت مظلة حركة تمرُّد وتوقيعاتها المزيّفة..


هنا أُعْطِيَتْ الإشارة الخضراء للبدء فى الانقلاب.. وهكذا تداعت الأحداث وبدأ الحكم العسكري بإغلاق محطات التلفزة الإسلامية .. وتمت تنحية رئيس الجمهورية الوحيد فى تاريخ مصرالذى انتخبه الشعب انتخابا حرّا.. وُضع تحت الحجز فى مكان مجهول تمهيدا لمحاكمته.. فى الوقت الذى يتم فيه الإفراج عن مبارك الذى قامت الثورة للتخلص من استبداده وفساده.. وبدأت أحزاب المعارضة تعبّر عن سعادتها بتشكيل حكومة تحت سلطة الانقلاب العسكري الذى وضع كل السلطات فى قبضته وألغى الدستور الذى اسْتُفْتِيَ عليه الشعب.. وعادت الدكتاتورية العسكرية بوجهها القبيح إلى مصر مرة ثانية..


خمدت أنفاس الحرية.. وديست إرادة الشعب بالأحذية الثقيلة.. وتبدّد حلمه فى حياة ديمقراطية تحفظ له كرامته وتحقق له العدالة الاجتماعية والأمن .. بينما كانت جموع غفيرة من العبيد والبلطجية المستأجرين يصفقون فرحًا فى ميدان التحرير.. وتُعقد الاحتفالات فى مقرات الفضائيات الفلولية بالفوز العظيم، فى الوقت الذى كانت الفضائيات الإسلامية تُغلق بقوة الشرطة ويُعتقل العاملون فيها ويساقون إلى السجون والمعتقلات ..


لن يرتفع بعد اليوم صوت حرٌّ برأي مختلف أو اعتراض أو انتقاد.. فهنيئًا للبرادعى وأصحابه بالديمقراطية الجديدة.. وهنيئًا لأساتذة العلوم السياسية الذين كانو يجلسون فى استديو قناة الجزيرة يهاجمون الرئيس مرسى.. ويتفلسفون عن الديمقراطية التى لا تأتى من صناديق الانتخاب وإنما من التوافق بين الأحزاب السياسية.. دخلت عليهم قوات الشرطة فقطعت البث على الهواء.. وطردت الأساتذة الكبار.. وساقت العاملين بالقناة خارج المقر.. ثم أغلقته بالشمع الأحمر.. تنكيلًا بحرية الرأي التى كانت مكفولة على أوسع نطاق فى عهد الرئيس المغدور به الدكتور محمد مرسى.


أقول لفلاسفة الديمقراطية الجديدة: إشربوا عصير التوافق وذوقوا نتيجة خذلانكم للحقيقة والأخلاق.. كئوسًا مترعة بالهوان ..


لقد انطوت صفحة من صفحات الثورة المصرية.. ولكنى لا أتصوّر أنها الصفحة الأخيرة.. بل أكاد أجزم أنها بداية لقراءةٍ أكثر وعيًا وفقهًا لكتاب الثورة.. الذى لم نقرأه بعدُ قراءةً صحيحة..


المصدر: جريدة الشعب