ك.خ.ط.: خمسون عاما على يوليو

خمسون عاما على يوليو أسئلة عمرها خمسون عاما

كمال خلف الطويل

29 مايو 2002

مع اقتراب الذكرى الخمسين لثورة يوليو 52 تتدافع صور الماضي وحوادثه في شريط يشد المرء إلى محاولة فهم هادئ ورصين لفترة بالغة الأهمية امتدت من 23 يوليو 52 و حتى 14 مايو 71، ثم تواصلت إسقاطاتها وتداعياتها معنا حتى تاريخ هذه السطور . محاولة الفهم هذه تتطلب عودة مدققة بالتفاصيل وتفاصيل التفاصيل، حيث أن الشيطان في التفاصيل، ومن ثم تجميع الوقائع والأحداث عبر خط متصل يجلي غوامض لا تزال مغاليق أمام الفهم ، أو تبدو شبه غائمة. لنبدأ من البدايات :

1ـ هل يصح القول أن عبد الناصر بعد عودته من حرب فلسطين ومع أواخر 49 ، بدأ في الانفصام عن تنظيم الأخوان المسلمين العسكري بإشراف محمود لبيب ، وإنشاء تنظيمه المستقل للضباط الأحرار و الذي ضم في طياته مشارب عدة ! نعرف أن اللجنة التأسيسية الأولى ضمت:عبد الحكيم عامر وكمال الدين حسين و خالد محي الدين و حسن إبراهيم و صلاح سالم و عبد اللطيف البغدادي و عبد المنعم عبد الرؤوف ( الأخواني ) .

ثم انضم جمال سالم ـ بضغط من البغدادي ـ لاحقا ، ثم كان آخر المنضمين أنور السادات ( العميل المزدوج بين التنظيم و الحرس الحديدي ). ثم أخرج عبد المنعم عبد الرؤوف لإصراره على ضم التنظيم تحت جناح الإخوان .

2ـ هل صحيح أن خطة التنظيم الذي استوى مع مطالع 50 كانت الانقلاب بعد 5 سنوات و أن ضغط الظروف هو الذي سرع في استيلائه قبل الموعد ب 3 سنوات ؟

3ـ نعرف أن كرميت روزفلت مسؤول الشرق الأوسط في المخابرات المركزية زار القاهرة في ربيع 52 لمحاولة إنقاذ فاروق عبر إصلاحه و قيادته لثورة بيضاء تجهض مخاطر الاستيلاء الاخواني أو الشيوعي على الحكم. و أنه بعد تفحص ميداني معمق للحالة في مصر بعد حريق القاهرة ، وجد أن فاروق هو فالج لا تعالج . هل كانت المخابرات المركزية حينها قد التقطت إشارات الضباط الأحرار و كيف ؟ هل قام روزفلت و أعوانه المحليين ( مايلز كوبلاند و ايجلبر جرو ليكلاند و الملحق الجوي دافيد ايفانز ) حينها بالاتصال بالضباط الأحرار لسبر أغوارهم و دراسة أجندتهم ؟ هل تمت الاتصالات حينها بين الجانبين يسرت تفاهمات ما حول التغيير ؟ و إذا صح ذلك فمن كان ضباط الاتصال من الضباط ؟ هل هو حسن التهامي مثلا ؟

4ـ نعرف أن عبد المنعم أمين لم يكن من الضباط الأحرار ، و مع ذلك وجدناه ليلة الثورة يتطوع لينفذ مهمة حاسمة لصالحهم بالاستيلاء على قوات الدفاع الجوي و تجييرها للحركة . كيف تأتى ذلك ؟ هل تطوع لهذه المهمة بطلب من مسؤولية الأمريكان ،وهو المعروف بكونه رجلهم ؟ و ذلك ليكون لهم عين بصيرة من الداخل و خصوصا و أن ماركسيا مثل خالد محي الدين عضو قيادة الحركة ؟

5ـ ما هو دور العقيد أحمد شوقي في تنفيذ الحركة ، وهو لم يكن سلفا من الضباط الأحرار ؟ هل لصلة له مع قوى خارجية ؟

6ـ ماذا كانت صورة التغيير في ذهن اللجنة التأسيسية ؟ هل هي خلع الملك ، ثم إعادة البرلمان الوفدي المنحل وتسليم السلطة للنحاس ،زعيم الوفد المقال حديثا ؟ أم أن اضطرام الأحداث و تسارعها جعل كل شيء رهينة الظروف ، ومن هنا الالتجاء لإسم علي ماهر ؟

7ـ كيف تم الاتفاق مع حسن الهضيبي على إسهام ميليشيا الإخوان في الانقلاب عبر تأمين طريق السويس ـ القاهرة و على ماذا ؟ هل هو لقاء تكتيكي على التغيير و فقط، و من بعد نرى ما يحدث ؟ يبدو ذلك ساذجا ، وبالتالي فالأصح أن هناك و عودا و مواثيق متبادلة فماذا كانت طبيعتها ؟ 8ـ ما الذي دفع عبد الناصر غداة الحركة لاعتقال مصطفى أمين ، و هو المعروف بصلته الوثيقة مع المخابرات المركزية ، ثم الإفراج عنه بسرعة ؟ هل تم الاتفاق على أن يصبح قناة اتصال و ضمن تلك الحدود ؟ و هل كان من لزوم لهكذا قناة مع وجود الموثوقين من أهل الحركة أو أنصارها المستجدين ـ مثل الأستاذ هيكل ـ وولاؤهم مأمون ؟

9ـ ما لبثت اللجنة التأسيسية أن تحولت لمجلس قيادة الثورة في أغسطس 52 و ضمت لعضويته محمد نجيب ـ رئيس المجلس الرمزي ـ و عبد المنعم أمين و يوسف صديق و حسين الشافعي وزكريا محي الدين لأدوارهم المشهودة في تنفيذ الحركة بنجاح . هل كلف عبد المنعم أمين بملف العلاقات مع الأمريكان حينها بدليل تواجده في كل الاجتماعات مع المسؤولين الأمريكيين المقيمين و الوافدين ؟ ماذا كان دور علي صبري مدير المخابرات الجوية في العلاقات مع الأمريكان ؟ المعروف أنه الذي طلب منه الالتقاء بصديقه دافيد إيفانز الملحق الجوي عند بدء الحركة لإطلاعه على ما يجري و تطمينه بأن نيات الحركة صديقة ، هل هذا كل شيء أم أن اللقاء كان تتمة لتناسق ما تم الالتقاء عليه قبلها ، و كان لعلي صبري فيه دور ؟ الملحوظ أن علي صبري استمر في لعب دور في العلاقة بدليل ترأسه لأول بعثة لشراء السلاح إلى الولايات المتحدة أواخر 52 و التي باءت بالفشل .

10ـ ماذا كانت أجندة المجلس نحو قضية فلسطين في تلك الفترة ؟ ما الذي كان الأمريكان يريدونه تجاه ذلك الملف ؟ هل التوصل لمعاهدة صلح منفرد بين مصر و إسرائيل ؟ هل كان يعلقون إمكانية تمويلهم لمشروع السد العالي و تسليحهم الجيش المصري على مماشاة الحركة لهم في هذا الصدد ، و تبدى ذلك في زيارة جون فوستر دالاس في مايو 53 ؟ و هل رفض عبد الناصر هذا الطلب متحججا بضرورة الخلاص من الاحتلال البريطاني للقنال أولا ، و إعانته على ذلك خصوصا و أن قوة الأخوان المسلمين في الشارع المصري كفيلة بكبح أي حاكم عن الولوع في صلح منفرد ؟ هل تفهم الأمريكان تلك الحجة حينها ؟

11ـ معروف أن عبد الناصر اعتذر لدالاس عن الدخول في حلف دفاعي للشرق الأوسط معادي للسوفييت مكررا موقف النحاس باشا 50 ـ 51 ، هل اشتروا حجة عبد الناصر بضرورة الخلاص من الإنجليز أولا ؟

12ـ نعرف أن عبد الناصر أجرى اتصالات مع موشي شاريت رئيس وزراء إسرائيل (الحمائمي ) عبر عامي 53 ـ 54 بعضها غير مباشر عن طريق وسطاء أمريكيين (روبرت أندرسون و جماعة الكويكرز ) و بعضها مباشر عبر عبد الرحمن صادق الملحق الصحفي المصري بباريس . هل كان الهدف استكشاف إمكانية صلح شامل أم منفرد أم ماذا ؟ هل كان عبد الناصر يشعر أن تشجيع الحمائم سبيل تكتيكي لإذكاء صراع داخل المؤسسة الحاكمة في إسرائيل ؟ أم هو إرضاء للأمريكان بينما هم يعينونه على إخراج الإنجليز أم كل ذلك؟

13ـ بداية 53 أنشأ عبد الناصر جهاز المخابرات العامة متمثلا فيه الكيفية التي أنشأت فيها وكالة المخابرات المركزية عام 47 ، وانتدب له زكريا محي الدين مديرا و تعاونه مجموعة من الضبـاط الأحرار منهم علي صبري و كمال رفعت و حسن التهامي ولطفي واكد و فتحي الديب و عزت سليمان و آخرون . هل عاونت المخابرات المركزية في إنشاء هذا الجهاز و تدريب طواقمه ، و ماذا كان القاسم المشترك المسوغ لهكذا تنسيق إن وجد ؟

14ـ هل كان هناك اصطفاف لقوى دولية ( الأمريكية الصاعدة و البريطانية الهابطة ) خلف طرفي صراع السلطة محمد نجيب و جمال عبد الناصر عامي 53 ـ 54 ؟ هل خشية الأمريكان من تحالف خالد محي الدين و محمد نجيب كانت سببا لتفضيلها فوز جمال عبد الناصر و صحبه في هذا الصراع ؟ و إذا كان الأمر كذلك فكيف تجلى هذا التفضيل ؟

15ـ نعرف أن محاولة انقلاب سلاح المدفعية في يناير 53 والتي قادها ضباط الصف الثاني أمثال محسن عبد الخالق و حسني الدمنهوري تمحورت حول رفض السلاح لوجود أنور السادات لخلفيته كعميل مزدوج و عبد المنعم أمين لهيلمان زوجته محاسن سعودي و استغلالها نفوذه وصلاح سالم لعلاقته غير الشرعية مع الأميرة فايزة . انتهت المحاولة بالفشل و لكن خرج في أعقابها من عضوية المجلس أحد المطلوبة رؤوسهم ، وهو عبد المنعم أمين ، وخرج معه يوسف صديق . ليست المصادفة أن الأول هو عين الأمريكان الداخلية على المجلس ، بينما الثاني عضو في حركة حدتو الشيوعية ، أي حرص قاطع على التوازن . لكن السؤال هو لماذا تم الإبقاء على أنور السادات مع أنه استنفذ فائدته عبر دوره كعميل مزدوج ، و أصبح عبئا على النظام الجديد ، وعلى صلاح سالم رغم رعونته الفضائحية بنسجه علاقة غرامية مع إحدى أخوات فاروق ؟

16ـ عين عبد المنعم أمين سفيرا في هولندا مطلع 53 .. كم أستمر في الخدمة العامة ؟ ولماذا غاب عن الأسماع و الأبصار حتى وفاة عبد الناصر ، عندما ظهر من جديد محاولا استئناف دوره كصلة وصل للأمريكان مع أنور السادات ؟ ماذا كان يفعل لقرابة عقدين ؟؟

17ـ عين علي صبري مديرا للمخابرات العامة عام 55 ليتفرغ زكريا محي الدين لوزارة الداخلية . لماذا قرر عبد الناصر استبداله بعد عامين بصلاح نصر ممهدا لذلك بتعيين الأخير نائبا للأول في أكتوبر 56؟ هل لأنه ارتاح لدور علي صبري منظما لشؤون رئاسة الجمهورية و بالتالي أراد تفريغه بالكامل لهذا الدور ، وليكون وزيرا الوزراء؟

18ـ لماذا اقتضى ترئيس عبد الحكيم عامر الموثوق الأول على القوات المسلحة في يونيو 53 ، ترفيعه من رائد إلى لواء ليشغل منصب القائد العام ؟ ألم يكن يكفي و الأصوب أن يصبح وزيرا للحربية ـ وهو منصب سياسي ـ يشرف عبره على القوات المسلحة لدواعي التأمين السياسي ، ومن دون كسر قواعد الانضباط العسكري ، وباحتفاظ الضباط المحترفين العظام بدورهم عبر هيئة أركان الحرب تحت سلطة الوزير ؟

19ـ هل كان استمرار النظام الجديد في نسج علاقة وثيقة مع الأسرة السعودية المالكة ، امتدادا للتحالف الفاروقي السعودي في وجه الهاشمي العراق و الأردن ؟ هل كلف أنور السادات عام 55 مع توليه سكرتارية المؤتمر الإسلامي بملف العلاقات مع السعودية و الخليج و من هنا مواظبته على هذا الملف على امتداد الستينات ؟

20ـ بالنسبة للقناة السرية مع الحكومة الأمريكية ... هل كان لها منافذ و مستويات عدة ؟ بعضها عبر قناة المخابرات العامة ( حسن التهامي ) و بعضها عبر الأستاذ هيكل ، وبعضها مباشر عبر الرئاسة ، ثم أنحصر مع الوقت بالإستاذ هيكل خصوصا بعد طرد حسن التهامي من المخابرات العامة عام 58 لما شاع عن تجسسه على هواتف عبد الناصر و عامر ، وبعد تنائي علي صبري عن التعامل مع الأمريكان بعد إحباطه منهم إثر إفشالهم مهمته لشراء السلاح نهاية 52 ؟ يبدو أن التعامل في القمة كان أساسا مع الرئيس و زكريا ومن ثم هيكل .. هل هذا دقيق ؟

21ـ حتى مع انعدام الكيمياء بين رجال الحركة و أحمد حسين زعيم الحزب الاشتراكي (مصر الفتاة ) ، هل كان الانتفاع من كوادر حزبه نسيا منسيا ( إلا باستثناء إبراهيم شكري و قلائل غيره لاحقا ) ؟ و لماذا ؟ ذات الشيء ينطبق على الجناح المؤيد للحركة من قيادات الإخوان أمثال البهي الخولي و سيد سابق و عبد المعز عبد الستار و صالح العشماوي و غيرهم ، أو حتى على الحزب الوطني الجديد ( باستثناء طراف ورضوان ) . ألم يكن كل هؤلاء خميرة صالحة لتنظيم جبهوي جماهيري في رحاب النظام ؟

22ـ كان قرار عبد الناصر بإطلاق حرب الفدائيين من غزة و الضفة ربيع 55 واحدا من أخطر و أجرأ القرارات المتعلقة بالملف الفلسطيني وهي حرب دامت عاما و نصف ، و كبدت إسرائيل خسائر في مقتل ، ولو قيض لها الاستمرار لكان لمسار الصراع اتجاه آخر ، لكن حرب السـويس و تداعياتها حالت دون ذلك ... السؤال : هل كان عدوان غزة في 28/2/55 هو سبب الإفاقة من وهم الصلح مع إسرائيل ووضع ملفها على الرف ؟ هل كان للولايات المتحدة موقف محدد من هذا العدوان ؟ هل كانت تنظر بعين العطف لمحاولة حمائم شاريت " تطبيع " وضع إسرائيل في المنطقة عبر إبرام صلح مع جيرانه العرب وفق تنازلات تقدم لهم ؟ هل كانت تفضل إبقاء إسرائيل كإسبارطة موضعية قادرة على لعب دور السوط عند الضرورة ؟ أكان بن جوريون يجرؤ ـ وزيرا للدفاع ـ على إطلاق تساحال للعمل لولا إدراكه بتوافر تأييد دولي ضامن ؟

23ـ أسست إذاعة صوت العرب في مايو 53 و بصلة مباشرة مع جهاز المخابرات العامة الوليد ... أيدل ذلك على أن السياسة العربية للنظام الجديد كانت قد اتضحت معالمها لدرجة نشر الدعوة منذ ذلك الوقت المبكر و خصوصا اتجاه التوجه إلى الشام والرافدين و الخليج إضافة للمغرب العربي ، وعدم الاكتفاء بالنظر جنوبا صوب السودان ؟

24ـ إذا كان عبد الحكيم عامر قد اعترض على قرار تأميم قناة السويس ، ثم رضخ على مضض ، ثم أدار معركة العدوان الثلاثي بفشل ذريع ، فلما الإبقاء عليه قائدا عاما بعد انسحاب المعتدين ؟ هذا علما أن قوة عامر بين ضباط الجيش كانت بمستوى أقل بكثير مما أضحت عليه في الستينات ، وبما يكفل إزاحته دون آلام مبرحة للنظام ؟ لما على الأقل لم تزح القيادة الفاشلة تحته و بالأخص صدقي محمود و سليمان عزت وفؤاد الدجوي ؟ أم هل أن مظاهرته في احتفال مجلس قيادة الثورة في يونيو 56 أخافت عبد الناصر لدرجة الاقتناع أن النظام لا يحتمل هزة الإقصاء أبدا ؟ نعلم أن الخلاف الأول و الأساسي بين الرجلين دار أثناء الحرب و حول موضوع الانسحاب من سيناء ، ثم تبدى واضحا في يناير 57 ، لمَ الهرب من المواجهة معه حينها ؟ هل أن عبد الناصر بقراره بعد السويس تفادى أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل لعقد من الزمان على الأقل كان يوفر الغطاء لتحمل بقائه في القيادة و خصوصا و أن العلاقة الجديدة مع السوفييت كانت تكفل مع الوقت صعود أجيال جديدة من القادة المزودين بالعقيدة الشرقية تتولى زمام القيادة بالتدريج .

25ـ كيف عرفت إسرائيل بمغادرة عامر لدمشق يوم 28 أكتوبر 56 ، و حاولت إسقاط طائرته في الجو و أخطأتها بإسقاط الطائرة المرافقة ؟ و من كان عليها ؟

26ـ كان دور عبد اللطيف البغدادي المساند بالمطلق لعبد الناصر أثناء حرب السويس سبب صعوده الواضح ليلعب دور المنافس لعبد الحكيم عامر على دور الرجل الثاني ، و بروز هذا الصراع الذي استفحل حتى حسم في مارس 64 لصالح المشير. هذا يفسر تعيين الاثنين نائبين لرئيس الجمهورية في فبراير 58 متميزين بذلك على الباقيين من أعضاء مجلس الثورة القديم . لماذا إذن لم يحسم عبد الناصر المسألة برمتها لصالح عامر مقابل خروجه من القوات المسلحة ؟ أو باختيار البغدادي نائبا أول مع إبقاء عامر على قمة القوات المسلحة بصفة سياسية كوزير للدفاع دونما صلاحيات تتجاوز ذلك ؟

27ـ من كان المتحمس للوحدة مع سوريا من مجلس الثورة القديم ؟ المعروف أن عامر كان واحدا ؟ هل قبل الباقون على مضض مطمئنين للشروط التي طلبها عبد الناصر من السوريين و نالها ؟ ماذا كان موقف الولايات المتحدة من قرار الوحدة ؟ هل أبدت اعتراضا أم امتنعت عن اتخاذ موقف ؟ هل شعرت أنها ورطة لعبد الناصر ، ما عليها إلا انتظار تداعياتها بصبر ؟

28ـ هل يكافأ حسن التهامي و الذي بقي مع فتحي الديب في المخابرات العامة بعد إعادة تنظيمها في مايو 57 برئاسة صلاح نصر ـ على تجسسه على هواتف الرئيس والمشير ـ بتعينه سفيرا في النمسا ؟ أليس ذلك غريبا بعض الشيء ؟؟ أم أنه لصلاته كضابط اتصال مع المخابرات المركزية ، وضع في الاحتياط ليوم قد يكون له فيه نفع؟

29ـ ما هي الحكمة في أن جهاز المخابرات العامة بتكوينه الجديد أصبح منبع القيادات الوسيطة لعقد من الزمان ؟ شعراوي جمعة و أمين هويدي و عبد الفتاح أبو الفضل و فريد طولان و إبراهيم البغدادي و طلعت خيري ( وربما مبارك رفاعي و عبد الفتاح أحمد و علي يونس و علي رشدي ووجيه رشدي ) و فتحي الديب . ألم يكن الاصوب استبقاؤهم في الجهاز لخبراتهم المتراكمة ؟ ثم تصعيدهم داخل الجهاز بدل أن يبقى رئيسه متكلسا على رأسه لسنوات عشر ؟

30ـ ما هي الحكمة في انتقال رجال المشير إلى المخابرات العامة أي صلاح نصر وعباس رضوان ؟ ثم نقل الأخير وزيرا لداخلية الإقليم المصري ، بينما زكريا محي الدين وزير الداخلية المركزي بصلاحيات محدودة و لسنوات ثلاث ؟ هل كان ذلك تقليما لزكريا في تلك الفترة و لماذا ؟

31ـ لماذا انتدب عبد الحكيم عامر مفوضا ساميا على الإقليم السوري في أكتوبر 59؟ هل كان ذلك وضعا محمودا لموازنة البعث السوري ؟ أما كان الأجدر موازنته بأطراف سورية وحدوية ( الجناح التقدمي لحزب الشعب و حركة القوميين العرب و الضباط الوحدويين ) ؟ ألم يكن توكيل عبد الحكيم للإشراف على الشأن السوري متزاوجا مع الإشراف على المؤسسات العامة و الطرق الصوفية و السد العالي و اتحاد كرة القدم سواك عن القوات المسلحة إغراقا يصل لحد الإهمال ؟ ثم بعد أن سحب الرئيس المشير من سوريا في أغسطس 60 ، لماذا عاد و أرسله صيف 61 ؟ هل ليوازن به النفوذ المتصاعد لعبد الحميد السراج هناك ؟ و بماذا أفادت لعبة التوازن ؟ ألم تفض إلى صراع مدمر يسر الانفصال ؟

32ـ كيف نامت المخابرات العسكرية المصرية عن تشكل اللجنة العسكرية للبعث السوري من الضباط المنتدبين للإقليم المصري عام 60 ؟ أليس هذا مؤشر على ضعف الرقابة الأمنية في الإقليم السوري نفسه ؟ كيف استطاع المقدم عبد الكريم النحلاوي أن يخترق سياج المشير ليصبح نائب مدير إدارة شؤون الضباط ( مديرها أحمد علوي ، أحد رجال المشير الأصفياء ) و ليعد على مهل لانقلابه عبر نقل الضباط غير الموالين له بعيدا عن دمشق ؟ و الأغرب هو أن إنذارات بانقلاب يعد توالت صيف 61 عن طريق السراج أو المخابرات العسكرية السورية ( محمد استنبولي ) لكنها أهملت لثقة المشير بالنحلاوي و لانشغاله بالصراع مع السراج . من الذي ابتدع فكرة الوزارة الموحدة في أغسطس 61 و شملت إبعاد السراج عن سوريا نائبا للرئيس ؟ هل كان حل مشكلة التذمر من السراج بإخلاء الساحة للمشير ؟ و كيف وصلت القيادة لقرار تطبيق القرارات الاشتراكية في سوريا ، بينما صناعتها الناشئة في أيدي الرأسمالية الوطنية المنتجة ؟ ألم يكن ذلك ابتسارا مكلفا و طفولية يسارية غبية ؟ ثم كيف لم يستطع عبد الناصر أن يستجلب كوادر البعث و التي ثبت عقب الانفصال أنها في جلها ناصرية الهوى ، وفي واد غير واد قيادتها المنغلقة في صراع مع عبد الناصر ؟ كيف كلف ضباط وحدويون بترك قطعاتهم لإدارة مؤسسات مؤممة وهم لا يفقهون في أمرها شيئا ، بينما ضباط التآمر يرتعون في القيادة و القطعات ؟ ما هي قصة داود عويس بالضبط صيف 59 ، وهو سكرتير المشير في وزارة الحربية ، وما هو التفاهم الذي دشنه مع ميشيل عفلق للاستقالة المشتركة من الحكم احتجاجا على فردية عبد الناصر ؟ هل كان للمشير علم بهذه الاتصالات و طبيعتها ؟

33ـ يعرف أن مجلس الثورة القديم وافق بالإجماع على القرارات الاشتراكية صيف 61 عندما ناقشها في الإسكندرية ... السؤال هو لماذا شملت القرارات قطاعات منتجة أسستها الرأسمالية الوطنية المصرية ؟ ولماذا لم تكتف بالبنوك و شركات التأمين والنقل و الأراضي و التعدين و المرافق مع مشاركة الدولة بنسبة الربع مثلا في الصناعة الخاصة الوطنية ؟ لماذا التأميمات الجزافية و الواسعة النطاق بعشوائية والتي تفاقمت لحدود غير منطقية في أغسطس 63 ؟ المطاحن و المضارب و السينما و ما إلى هنالك من قطاعات جعلت من الدولة مالك الرزق ، ومن الجمهور المتوكل على المالك ؟ قد يقول قائل أتترك أحمد عبود بملايينه؟ هناك أشكال أخرى للتدخل والرقابة ، لكن التأميم ليس عقوبة بل لخدمة صالح عام ووفق خطة مدروسة خصوصا إذا أصبح قطاع المال مضبوطا في إطار الدولة . ألم يكن طريفا أن تؤمم شركة المقاولون العرب و يستبقى عثمان عثمان رئيسا لها ؟

ما المانع في أن شركات سيد ياسين مثلا أو شركات بنك مصر تبقى في إطار القطاع الخاص مع مساهمة مشاركة من القطاع العام تكفل الرقابة و الانضباط ؟ إذا كانت المسألة مسألة منع سيطرة رأس المال على الحكم ، فليس الحل تأميمه بالمطلق ، بل في إرساء الضوابط المحصنة ، أليس كذلك ؟ هل يعقل أن تدير الدولة عمر أفندي أو المداجن أو أو أو .... ؟ 34ـ إذا كان عبد اللطيف البغدادي و كمال الدين حسين قد وافقا على قرارات يوليو 61 ، فهل كان سبب استقالتهما في مارس 64 هو التوسع الكاسح الذي جرى في أغسطس 63؟ ثم كيف لهذا التوسع أن يتم و هو مخالف لنص الميثاق الذي صدر قبله ب 15 شهر فقط ؟

35ـ منذ متى مال بتسارع ملحوظ عبد الناصر لموضوعة الحل الاشتراكي ؟ هل كان ذلك نتاج حراسات 56 ؟ طبعا كان المنطقي و المطلوب أن تؤمم الممتلكات الأجنبية ، أما الوطنية فكان المطلوب السيطرة على القطاعات الاستراتيجية فقط كالمال ، و ضبط ما تبقى في إطار خطة التنمية لا أن تتحول الدولة إلى المالك الرئيسي. كان النجاح في قطاع الزراعة عبر قوانين الإصلاح الزراعي و العلاقات الزراعية و التعاون الزراعي و الائتمان الزراعي أفضل رغم بعض ما اعتراه من شوائب .

36ـ لا بد أن الميل المتسارع للاشتراكية كان مصدره الإضافي العلاقة المطردة مع تيتو ، لكنه مر بطور الاشتراكية الديمقراطية التعاونية من 57 ـ 61 ، ثم فجأة انجااز إلى اليسار في يوليو 61 ليصل إلى ذروته ربيع 64 . هل كانت قراءات عبد الناصر تأثرت بالتجربة السوفيتية و اليوغسلافية لحد التماثل النسبي في حيز واسع ؟ من أثر به غير تيتو ؟ هل شارل بتلهايم ؟

37ـ كيف كان لكوادر تكنوقراطية ليبرالية أمثال عبد المنعم القيسوني و مصطفى خليل وسيد مرعي و كمال ستينو و حسن عباس زكي و أحمد زندو و حسن صلاح الدين وحتى عزيز صدقي أن تقود تجربة اشتراكية الطابع ؟ ألم يكن التناقض بارزا حتى مع ادعاء أنهم منفذون لسياسات عليا ؟ ربما وازن ذلك بعض الشيء اللجوء إلى قطاع المهندسين العسكريين ، أمثال محمود يونس و صدقي سليمان و أمين الشريف وحلمي السعيد و علي السيد و سمير حلمي و أمين كامل و عمر أبو الذهب و مشهور مشهور و عبد الحميد أبو بكر أو الاقتصاديين العسكريين أمثال عبد السلام بدوي و نور الدين قرة أو بعض التقدميين التكنوقراط أمثال لبيب شقير و عزت سلامة و شفيق الخشن .

38ـ عرف عبد الناصر عام 60 بأن إسرائيل على طريقها لامتلاك السلاح النووي بعدما زودتها فرنسا عام 57 بمفاعل ديمونة و بموافقة الولايات المتحدة . كانت تلك النقطة تحول دون تفكيره قرار عندها خوض غمار امتلاك هذا السلاح. هل حقيقة أن مصر كانت ستصل لتلك الحافة عام 69 ؟ بالمقابل هل صحيح أن مصر كانت ستصل لتجويد صواريخها بعيدة المدى عام 70 ؟ عندما تأكد عبد الناصر مطلع 66 أن إسرائيل صنعت قنبلتها النووية الأولى سمعناه يهدد بحرب وقائية .. هل كان يقصد فعل ذلك مع انتهائه من إتمام الخيارين السالفين ؟ أم أنه كان غير مقيد بهذا الامتلاك ومن هنا تفسير قرارات مايو 67 الخاطئة ؟

39ـ عاد عبد الحكيم من دمشق مساء 28 سبتمبر مكسور الجناح بعد فشله في منع انقلاب الانفصال السوري ... ألم تكن تلك فرصة سانحة لإعادة تنظيم القوات المسلحة ، واستبعاده من قيادتها خصوصا لكونه مشلولا عن القدرة النفسية على عصيانها ، ومع الإبقاء عليه نائبا في إطار القيادة السياسية ؟ لما نكص عبد الناصر على فعل ذلك ؟ هل ليقينه أن عامر رغم جراحه و تهالك وضعه كان من الرعونة بمكان أنه إن جد الجد سيعصى و يسبب شرخا في النظام قد لا يقوى على احتماله ؟ واضح أنه لما حث الخطى في طريق تقليم أظافره خريف 62 ، قام بالعصيان ولكن هل 61 مثل 62 ؟ ما هو السر الدفين الذي حكم علاقة التوأمين ، وأرخى عليها إسداله ؟

40ـ بعدما نقل عباس رضوان للمخابرات العامة عام 58 تولى شمس بدران منصب مدير مكتب المشير للشؤون العامة ، ودوره تأمين القوات المسلحة . كان الانطباع آن بدران هو رجل الرئيس و عينه على المشير. كيف كان للأخير أن يجعله أحد رجاله و بيادقه في معركته الصامتة و لكن المفتوحة مع الرئيس ؟

41ـ لماذا اختار عبد الناصر أنور السادات أمينا للاتحاد القومي 57 ؟ و لماذا فصله عام 59 و أبدله بكمال حسين إضافة لتوليه رئاسة وزراء الإقليم المصري ؟ و لماذا بقي السادات بلا مناصب من سبتمبر 59 و حتى يوليو 60 عندما عين رئيس لمجلس الأمة لدولة الوحدة ؟ هل فعل شيئا استدعى غضب الرئيس عليه لدرجة العزل المؤقت؟ 42ـ واضح أن عبد الناصر لم يكن في وارد اندماج العراق الجمهوري في الجمهورية العربية المتحدة إقليما ثالثا و شرقيا ، لما لذلك من تبعات يحسن تلافيها في الحاضر المنظور ، وكان جل ما يريده تنسيقا محكما يكفل للعراق وقتا يستطيع فيه علاج مشكلته الكردية و علاقاته مع شركات النفط الغربية ، ثم مشاكل جواره الإيراني ـ التركي العدائية ، و من هنا فسبب الشقاق مع النظام الوليد في العراق كان الحزب الشيوعي العراقي و طموحه المشتعل للوثوب للسلطة متزاوجا مع عراقية عبد الكريم قاسم المرضية ، لكن السؤال هو لماذا لم يعيد النظر عبد الناصر في سلبيته المانعة نحو عبد الكريم قاسم ، عندما قام الخير بتحجيم الشيوعيين منذ نهايات 59؟ ألم يكن الأثوب احتواءه و الوصول إلى قاسم مشترك أدنى معه خصوصا و شعبيته في الشارع العراقي غالبة ؟ ألم يكن ذلك أكثر منطقية من تقاربه مع الملك سعود في تلك الفترة بعد قطيعة " السراج " 58 ؟

43ـ هل كان سبب عزوف عبد الناصر عن الذهاب لدمشق صباح انقلاب الانفصال في 28/9/61 يقينه أن الطائرة التي ستحمله ستتعرض لإسقاط من الجو من قبل إسرائيل أو الأردن ؟ أو أنه سيعتقل في دمشق أو يقتل ؟

هل صحيح أن السوفييت أوصلوا إليه ذلك الصباح عبر سفيره مراد غالب أن الانفصال أمر محتم و مرغوب أمريكيا و سوفيتيا و بالتالي فما عليك سوى الانصياع ألا يتناقض ذلك مع تحريكه لقوات على الأسطول متوجهة إلى اللاذقية و مسبوقة بكتيبة مظلات ألقيت من الجو لتجد أن المنطقة الساحلية قد وقعت في يد الانقلابيين مما اضطره للتوقف ؟ لما لم تكن في سوريا قطعات مصرية برية و جوية تكفل تأمين الوحدة و تفريغ الجيش السوري لجبهة الجولان ؟ كيف لم يستطيع 1400 ضابط مصري منتدب لسوريا أن يفعل شيئا ؟ لما لم يحاول كسب الوقت في مفاوضاته مع الانقلابيين عبر المشير عوضا عن التصلب الباتر و بغية إعادة ترتيب أوراقه ؟ هل كان يخشى على المشير من القتل لهذا الحد ؟ عندما نعرف أن جماعة الانقلاب كانت جماعتان واحدة مأجورة من السعودية والأردن و الأخرى خارج نطاق ... ألم يكن الأجدر المماطلة و التسويف ريثما يتم استنهاض قطعات محلية ترد الانقلاب ؟

44ـ لما لم يفكر عبد الناصر بعد الوحدة مع سوريا بإنشاء جمهورية فلسطين أو إقليم فلسطين على قطاع غزة و استدخاله في الجمهورية العربية المتحدة إقليما ثالثا ممـا يؤكد على الهوية الفلسطينية و يحيي الكيان الفلسطيني ، ومن داخل جمهورية الوحدة الوليدة ؟ ألم يكن بذلك قد قطع الطريق على مغامري المستقبل المتخفين بورقة فلسطين ، فلسطينيين كانوا أم عربا ؟

45ـ نعرف أن عبد الناصر كان لا يرغب و محقا في الوصول إلى حد تحطيم النظام الهاشمي خشية من احتلال إسرائيل للضفة الغربية، وهو غير قادر على صدها عن ذلك . و لكن ألم يكن البديل إعادة توكيد رفض مصر ـ دولة الوحدة من بعدها ـ لشرعية ضم الضفة الغربية للأردن كما فعل النحاس عام 50 ؟ خصوصا إذا أعلن قيام إقليم فلسطين داخل الوحدة .

46ـ ما اقترحه عبد الناصر في يناير 64 من تحويل لروافد نهر الأردن .. لما لم يقم به داخل الأراضي السورية بدءا من عام 58 ؟ إذا كان الجواب أن القدرة العسكرية لدولة الوحدة ، عفنة وغير قابلة لتحمل التبعات ، فكيف لنا أن نفسر أن في يناير 60 ، وعندما اشتدت المعارك على الجولان بين الجيش السوري و الجيش الإسرائيلي ، استطاع عبد الناصر ردع إسرائيل و بضربة واحدة عبر تحريكه غير المعلن لثلاثة فرق مصرية إلى سيناء . إذن كانت قدرة الردع متوافرة. أم أن السبب أن مشروعا كهذا يتطلب إسهاما لبنانيا و أردنيا ، وهو غير متيسر و بالتالي فالجدوى محدودة ؟

47ـ بماذا نفسر قول الرئيس للمشير صيف 61 و أثناء زيارة مكاريوس للقاهرة أنه يستفسر عن قدرة قواته المسلحة على التعرض لإسرائيل مما أغضب المشير ... بماذا كان يفكر حينها ؟ هل كان في ذهنه عمل تعرضي يعيق مشروعها لتحويل نهر الأردن ؟ و هل تسرب الخبر للغرب ، كان سببا في التعجيل بمؤامرة الانفصال ؟ في مفصل أخر على نفس السياق ... هل أن دعوة عبد الناصر في ديسمبر 63 لمؤتمر قمة عربي كانت لأنه اكتشف من محاضر مجلس رؤساء الأركان العرب مدى هشاشة الوضع الدفاعي لسوريا و الأردن ؟ ألم يكن ذلك واضحا بالنسبة لسوريا منذ الانفصال؟ أم أنه كان في صدد نقلة نوعية في ملف الصراع العربي الإسرائيلي تستهدف إحياء فكرة الكيان الفلسطيني لسحب البساط من البعث السوري ومن المنظمات المتكاثرة على الساحة الفلسطينية التي تزاود عليه لجهة العمل من أجل فلسطين ، و لخشيته من توريطه في صراع سابق لأوانه يعود عليه بالخسران ؟ أليس ذلك مع الرغبة في التملص من مصيدة حرب اليمن و محاولة الانفلات الإسرائيلي بتحويل الأردن ، كان مجموع الأسباب المؤدية إلى فكرة القمة ؟

48ـ لماذا سمح عبد الناصر لوجوده العسكري في اليمن أن يتمدد حجما و مساحة ليشمل كل أراضي اليمن بما لذلك من تكلفة باهظة بحيث وصل حجم القوات 64 ـ 65 إلى حدود 70ألف جندي ؟ ألم يكن الأصوب منذ البداية الاكتفاء بحماية مثلث صنعاء ـ تعز ـ الحديدة ، وبناء جيش جمهوري قوي يكفل الحدود و الاشتباك مع القوات الملكية المنطلقة من قواعد سعودية ؟ ألم يكن تبني سياسة النفس الطويل مطلع 66 أجدر أن يبدأ مطلع 63 ؟ لم يكن الذهاب لليمن خطأ بل العكس لما فيه من وضع لقدم الثورة العربية على أرض الجزيرة العربية ، لكن ذلك كان ربما يقتضي تزاوجه مع أمرين :الأول النفاذ بالعمليات السرية لداخل السعودية بهدف تقويض نظام آل سعود ، و الثاني شن ثورة مسلحة في جنوب اليمن لإجلاء الاستعمار البريطاني ، وهو ما بدأ فعلا في أكتوبر 63 . ما كان سيجبر آل سعود على سحب أيديهم من اليمن إلا شعورهم بالخطر الداخلي من وقع العمليات السرية ضدهم . و ما كان للتوسع الكمي العسكري في اليمن إلا أن يتحول إلى فخ استنزاف مكلف ، وهو ما حصل فعلا طوال أعوام 63 ـ 64 ـ 65 .

ما سبب انتداب أنور السادات ليكون مسؤولا سياسيا عن ملف اليمن حتى بعد فضيحة هروب رجله البيضاني إلى عدن عام 63؟ هل لأنه قناة اتصال معها ؟ هل كان عبد الناصر يعلم أن السادات على قائمة مدفوعات الشيخ عبد الله المبارك الصباح ، وإذا كان يعلم لماذا سمح بذلك ؟ و هل صحيح أنه لما علم اكتفى بأن يطلب منه التوقف ؟

49ـ عرف عن أنور السادات أنه كان خدين عبد الحكيم عامر في اللذات و السهرات المترعة بالحشيش و الفودكا خصوصا في الستينات ( بعد الانفصال ) .. هل كانت هذه السلوكيات خافية عن عبد الناصر ؟ و إذا افترضنا أن جهاز المخابرات العامة لم يقم بدوره في إيصال المعلومات لأن رئيسه من رجال المشير ، فأين كان جهاز المباحث العامة التابع لوزارة الداخلية و سكرتارية الرئاسة للمعلومات ؟ و هل صحيح أن الرئيس لم يعلم بزواج المشير العرفي و السري من برلنتي عبد الحميد ، إلا في فبراير 67 ، وبعد عامين من الزواج ؟ نعلم أن الرئيس قرر عزل المشير عن مناصبه و أرسله منفيا إلى يوغسلافيا بقرار موقع يوم 1 مارس 67 ، ثم توقف تنفيذه لأن الضباط الموفدين لروسيا اشتكو من محاولة سوفيتية لأدلجتهم ماركسيا ، لأن منظمة الشباب التابعة للاتحاد الاشتراكي قامت بإجراء محاضرات حول كيفية التصدي لانقلاب عسكري ... و بالتالي فتوقيت العزل كان سيفسر بأنه تغليب للسيد علي صبري على المشير و كاستجابة لضغوط سوفيتية .. حتى إذا كان ذلك منطقيا ألم يكن أكثر منطقية أن يتم كف يد المشير عمليا عن القيادة سرا لحين توافر وقت أفضل للإعلان ؟ أمن المنطق أن يذهب عبد الناصر إلى توتر استراتيجي خطير بعده بشهرين و هو مقتنع بأن المشير لا يصلح البتة ؟

50ـ رغم غزارة الضباط الناصريين في الجيش السوري أثناء عهد الانفصال ، كيف لم يستطع عبد الناصر ترتيب انقلاب يطيح به و يعيد سوريا لجمهورية الوحدة ؟ هل كان يعلم مسبقا عن محاولة جاسم علوان في حلب في 1 نيسان 62 ؟ هل كان قبلها هناك اتفاق مع عبد الكريم النحلاوي على قيامه بانقلاب في 28 آذار 62 من باب توريطه وشق معسكر الانفصال و تمهيد الأجواء أمام الوحدويين لاستغلال الفرصة والوثوب للحكم ؟ كان ينقص الوحدويين العسكريين التنسيق و الربط و الانضباط ... هل كان عسيرا على أجهزة عبد الناصر في بيروت تأمين ذلك ؟ في نفس السياق هل كان عبد الناصر على علم مسبق بمحاولات البعث العراقي للانقلاب على عبد الكريم قاسم ؟ لما لم يستبقها ؟ كان معروفا أن الضباط القوميين يعدون العدة للانقلاب في 25 شباط ، و كانوا يعلمون عن تسابقهم مع البعثيين ، فكيف لم يتم استباقهم بأسابيع ؟

ألم تكن المخابرات المصرية تعلم عن التنسيق بين البعث العراقي و ووكالة المخابرات المركزية ، وإذا كانت نائمة على ودنها أليست تلك مصيبة ؟ هل كانت المخابرات المصرية تعلم عن انقلاب زياد الحريري في دمشق 8 آذار 63 قبل وقوعه ، ولما لم يتم استباقه بانقلاب ناصري و الرجحان العددي متوفر لهم ؟ ثم لماذا لم يحث عبد الناصر الناصريين العسكريين في سوريا على انقلاب ضد التحالف البعثي ـ الحريري في ربيع 63 ، وقبل أن تتم تصفيتهم على يد البعث في تموز ؟ هل كان عبد الناصر على علم مسبق بالانقلاب الناصري في 18 تموز و أجازه ؟ ألم يكن ذلك متأخرا و محكوما بالفشل ؟

ثم ما الذي حكم مسار عبد الناصر في مفاوضات الوحدة الثلاثية في ربيع 63 ؟ هل كان في الأساس غير راغب في المضي قدما في هكذا وحدة ؟ أم كان قابلا و لكن مع الاستجابة للمتغيرات إن طرأت ؟ هل تلقى تحذيرا أمريكيا و سوفيتيا بالعدول عن هكذا مشروع ؟ ألم يكن الأصوب و رغم كل الاستفزازات البعثية في سوريا و العراق المضي إلى النهاية ثم العمل من داخل إطار الوحدة على تقليم أظافر البعث ؟ يعرف الجميع أن مركز الجاذبية في العالم العربي هو سوريا و مصر و العراق ، ألم يكن لقوة الدفع المتولدة من وحدتهم أن تكفل تحجيم قدرة أي معوقات ؟ 51ـ شاع أن اللواء محمد عمران كبير اللجنة العسكرية للبعث السوري ن والذي أصبح نائب رئيس الوزراء في نوفمبر 63 ، عرض على عبد الناصر التحالف ليقوم بإقصاء اللجنة العسكرية و القيادة العفلقية مقابل التعامل معه على أساس أنه النائب السوري في إطار إعادة الوحدة ؟ لما نكص عبد الناصر عن الاستجابة لهذا العرض ؟ ثم لماذا لما قامت قيادة البعث القومية متحالفة مع أمين الحافظ و محمد عمران بالإطاحة باللجنة العسكرية و حلفائها القطريين في ديسمبر 65 ن لما لم يمد إليهم يد المصالحة عندما مدوها باتجاهه ؟ هل كان يفضل التعامل مع القطريين رغم علمه بمدى كراهيتهم له ؟ و لماذا ؟

52ـ إذا كان غرض عبد الناصر من تأميم الصحافة في مايو 60 ضبط أوضاعها لصالح الثورة ، فكيف بنا نجد استبقاء أقلام مغرقة بالرجعية أمثال الأخوين أمين و التابعي واباظة و الصاوي و صبري و منصور و الحمامصي و غيرهم على سدة أمورها وكان شيئا لم يكن ؟ هل ينفذ التثوير الصحفي من يستهدفهم التثوير بالأساس ؟ في نفس السياق وجدنا أن عبد الناصر بعد الميثاق يتحدث بحرارة عن إنشاء الاتحاد الاشتراكي ليكون إطار تحالف قوى الشعب العاملة .. أيعقل أن أول أمين عام له هو حسين الشافعي ( مع وافر الاحترام لشخصه ) ؟ هل هو خير من يدير تنظيما جماهيريا اشتراكي الطابع ؟ أيعقل أن اللجنة التنفيذية الأولى ضمت من ضمن ما ضمت نفس القيادات الوزارية التكنوقراطية إضافة لمجلس الثورة القديم ، وبعض رجال الصف الثاني من العسكريين ؟ ألم يكن للمؤتمر الوطني للقوى الشعبية المنعقد في مايو و يونيو 62 أن يفرز قيادات مدنية شابة تتفرغ للعمل الشعبي و تمتزج مع نواب الرئيس القين ؟ ألم تكن من ضرورة للمباشرة في إنشاء معهد الكادر و منظمة الشباب من حينها ؟ هل كان منطقيا فتح باب العضوية ل 5 مليون عضو هم عدد المسجلين في قوائم الانتخاب ؟ ألم يكن الأجدر ألا يزيد عن نصف مليون عضو يقوم داخلهم جهاز طليعي يبنى سرا في المرحلة الأولى ، ويبتعد عن أصحاب المناصب الحكومية ؟ ألم يكن الأفضل ألا تكون عضوية الاتحاد الاشتراكي شرطا للترشيح في المجالس الشعبية المنتخبة أو المنظمات الشعبية الفئوية ؟ كان واضحا أن الاتحاد الاشتراكي في صيغته الأولى ولد ميتا ، وبقي كذلك طوال أعوام63ـ 64 و معظم 65 لماذا ؟ هل هي الخشية من المؤسسة العسكرية و سلبيتها اتجاه التنظيم الشعبي ؟ عندما جرت المحاولة الثانية في أكتوبر 65 وجدنا في الأمانة العامة أشخاصا بعيدين عن الخط الاشتراكي مثل أحمد طعيمة مثلا فما الحكمة في ذلك ؟ ألم يحصل شطط في تفريغ أعضاء لجان المحافظات و المراكز المعنية ، وكان يمكن الاكتفاء بالأمين والأمين المساعد ليحول ذلك دون تحول المتفرغين إلى موظفين ؟ واضح أن سبب محاولة الأحياء و المسارعة بإنشاء منظمة الشباب هو الذهول الذي أصاب عبد الناصر من واقع أن كوادر تنظيم الأخوان المسلمين المكتشف في صيف 65 كانوا من الشباب المتعلم ، وأنه لولا هذا السبب لترك الاتحاد الاشتراكي جهازا اسميا امينه الشافعي ؟ و لماذا ؟

ثم كيف سمح عبد الناصر لأنور السادات رئيس مجلس الأمة أن ينافس الاتحاد الاشتراكي عبر تأسيس المجموعات الإقليمية للمجلس ، وكأن المسألة إقطاعيات نفوذ و الأهم هو لماذا عهد عبد الناصر للسادات في مارس 64 بترؤس مجلس الأمة و لسنوات خمس ، وهو يعرف قدراته وكسله وعدم جديته ؟ ألم يكن ذلك تعبيرا عن استهانة بالمجلس ، وأنه ديكور ديمقراطي يحسن اصطناعه لضرورات الشكل ؟

53ـ هذا يعود بنا إلى أنور السادات .. كتب جيم هوجلاند الصحفي الأمريكي المقرب من المخابرات المركزية في الواشنطن بوست في فبراير 77 لأن المخابرات المركزية جندت أنور السادات عميلا نائما لها عام 62 عن طريق وكيلها الإقليمي كمال أدهم .. أين كانت المخابرات المصرية ؟ كيف يمكن تفسير اختراق كهذا لأعلى مستويات القيادة دونما تحسس أو اكتشاف ؟ في رواية أخرى أن التجنيد تم عام 64 ، و لكن إذا مضينا مع هوجلاند ، هل يصح القول أن أول مهام السادات كانت غواية عبد الناصر للتورط في اليمن ، وهو المجروح إلى الأعماق من نكسة الانفصال السوري ، والراغب بتعويضها بفوز في مكان ما و خصوصا بعد مأساة شتورا ، اثر الشكوى السورية من التدخل الناصري ؟

54ـ هل كانت حرب اليمن سببا أساسيا لاستقالة عبد اللطيف البغدادي و كمال الجين حسين في مارس 64 ( إضافة للتوسع الاشتراكي ) أم أن ذلك اقتصر على الأخير ؟ ثم ما السبب في استقالة حسن إبراهيم في يناير 66 ، هل غضب عبد الناصر عليه لزواجه من مطلقة ارتبط معها بعلاقة ثم تزوجها ؟ هل كانت لحسن إبراهيم آراء مطابقة للبغدادي ؟ و بالمناسبة فالرجل غادر الحكم بطوع في يونيو 56 ، ليعاد رئيسا للمؤسسة الاقتصادية في مطلع 57 ، ثم ليضم إلى مجلس الرئاسة في سبتمبر 62 من دون لقب نائب رئيس الجمهورية ، فما السبب في تقلباته هذه ، وفي حرمانه مع أنور السادات من نيابة رئيس الجمهورية حتى استقال البغدادي و كمال حسين ، و حينها أضفي عليه ذلك اللقب و لم يكمل به العامين .المعروف عنه أنه ولوع بالأعمال فهل كانت حوله مساءلات سببت إزاحته إضافة لقضية قدرية قطر ؟

55ـ بعد أن قاد علي صبري رئيسا للوزراء لسنوات ثلاث 62 ـ 65 تنفيذ خطة التنمية الأولى ، أزيح عن المنصب ليحل زكريا محي الدين مكانه .. هل كان السبب هو العزوف عن تنفيذ الخطة الخمسية الثانية ، والتي وضع ملامحها علي صبري لقصور الموارد اللازمة خصوصا و أن زكريا كان يدعو للانكماش و محاربة التضخم ولبرلة الاقتصاد ؟ ربما يضاف لتوليه زكريا من أسباب وصول العلاقات المصرية الأمريكية إلى حافة الهاوية مع خريف 65 اثر تهديدات قطع معونة القمح والشعور أنه ربما يستطيع توفير فترة انفراج معقولة في هذه العلاقات إضافة لخيرته الأمنية ، والتي برزت الحاجة إليها بعد اكتشاف تنظيم الأخوان الجديد صيف 65 ، وانكشاف عجز جهاز المباحث العامة عن اكتشافه . وجدنا أن مهمة زكريا في تخفيف حدة الخلافات مع الولايات المتحدة لاقت نجاحا مؤقتا ، إذ ما لبث التوتر أن اشتد عبر 66 ليصل إلى عنق الزجاجة عندما أعلن عبد الناصر في يوليو أن مصر مستغنية عن القمح الأمريكي و ستشتريه من الأسواق العالمية ، هل هذا يفسر طلب استقالته من رئاسة الوزراء في أيلول الذي يليه ؟

56ـ في إطار تخفيف الاحتقان مع الولايات المتحدة . لماذا اختير السادات بالذات لمهمة الذهاب لواشنطن والالتقاء بجونسون في فبراير 66؟ هل لأن الكونجرس الأمريكي كان معقل الهجوم على مصر و بالتالي فالسادات لكونه رئيس مجلس الأمة يصلح لمحاورة أقطابه ؟ ألم يكن زكريا الضليع بمسائل العلاقات مع الأمريكان و منذ أيام كير ميت روزفلت الأقدر و الأصلح ؟ أم أن عبد الناصر كان يستشعر منذ ذلك الوقت أن السادات له بعض الصلات هناك و عبر كمال أدهم ، مما ييسر مهمة الوساطة بأفضل ؟ اللافت أن المهمة فشلت كما الحال مع زكريا .

57ـ في مارس 64 ألغيت الحراسات و أخليت المعتقلات ، وخرج الشيوعيون و الأخوان المسلمين للحياة العامة .. كيف كان للشيوعيين أن يضموا لأجهزة الإعلام و شركات القطاع العام و الاتحاد الاشتراكي ، بينما لم تتم محاولة تدجين و تقريب المستنيرين من الأخوان طوال عام 64 ، ولحد اكتشاف تنظيمهم الجديد صيف 65 ؟ معروف أن سيد قطب كان يمثل فكريا قلة من الأخوان ، و أن الكثيرين في السجون لم يكونوا إمعات للهضيبي ، فلما لم ينتفع بهم داخل إطار الاتحاد الاشتراكي لامتصاص تيار إسلامي كامن و توظيفه لخدمة أهداف الثورة ؟ ألم يكن انفراج 64 مدعاة لإعادة تنظيم الصحافة مثلا ليكون لها منابر متعددة : واحدة للماركسيين وواحد للإسلاميين وواحد للناصريين وواحد لليبراليين عوضا عن أن تختلط الأمور بعشوائية غريبة فيكون خالد محي الدين الماركسي رئيسا لدار أخبار اليوم ، بينما مصطفى أمين الأمريكي رئيسا للتحرير ؟

ثم عودة إلى الإسلاميين ، ألم يقصر عبد الناصر في الدفع باتجاه إصلاح ديني يهدف للتحديث و العصرنة ، وهو القادر جماهيريا على تسويق الجديد و تيسير تلقيه و هضمه ؟ ألم يكن تطوير الأزهر في يوليو 61 مخطئا في الأسلوب ؟ على سبيل المثال ما الفائدة من كليات علمية في الأزهر تقبل طلابا وفدوا من خارجه بالأساس ؟ ألم تكن الكليات الأساسية ( الشريعة و اللغة العربية و أصول الدين ) هي المحتاجة لإصلاح المناهج و نوعية الأساتذة حتى يخرج منها فقهاء مستنيرين يزاوجون الشريعة بالعصر ؟

58ـ هل كان إعدام سيد قطب منطقيا ؟ ألم يخلق منه شهيدا بلا داع ؟ هو لا شك ربما جرميا يستحق الإعدام لكن طبيعته كمفكر ربما استدعت الاكتفاء بالأشغال الشاقة المؤبدة ، كما حصل مع الهضيبي عام 54 أليس كذلك ؟

59ـ كان الإتيان بصدقي سليمان رئيسا للوزراء خلفا لزكريا في أيلول 66 يهدف لاستنقاذ الخطة الثانية للتنمية تحت شعار خطة الإنجاز للسنوات الثلاث المتبقية من عمرها ، ألا ينم ذلك عن استمرارية لقرار العزوف عن مواجهة عسكرية مع إسرائيل لأجـل مفتوح ؟ كيف إذن نجد لعبد الناصر منذ تموز 66 عندما عرض على سوريا تنسيقا دفاعيا ثم في نوفمبر 66 عندما وقع معها اتفاق دفاع مشترك و قد اقترب من ملامسة احتمال تصعيد في المنطقة ؟ ألم يكن الاصوب انتظار بفتح الخيارين النووي والصاروخي مع نهاية الستينات ، و التحكم بمسار الأحداث لتوجيه مسارها بعيدا عن مواجهة قبل أوانها ؟ ألم يكن عبد الناصر قادرا على الصراحة مع الجماهير كما عادته ، وكما فعل بجرأة في يونيو 62 عندما أعلن أنه لا يملك خطة لتحرير فلسطين، و بالتالي فهو قادر على المكاشفة التي تقول أن المزايدين من البعث السوري الجديد ، ومن حركة فتح مخطئين في أعمالهم التعارضية الطفولية الطابع ؟ و أن يزاوج ذلك مع شرح لتدابير ما بعد 56 بخصوص البوليس الدولي و خليج العقبة ؟ لم يكن عبد الناصر يحتاج ليكون أسير العواطف خصوصا و أن الأضرار المحتملة فادحة ، أما كان بالإمكان فتح حوار معمق مع حركة فتح عام 66 و ممارسة ضغط حاسم عل قيادة البعث السوري الجديد لضبط إيقاعها ؟ واضح أن سقوط بن بيللا في يونيو 65 ثم سوكارنو في أكتوبر 65 ، ثم نكروما في فبراير 66 ينبئ أن الدور قادم على عبد الناصر ، ومن هنا فالحذر أكثر من واجب . طبعا إسرائيل لن تقصر في توفير أساليب الاستفزاز القاهر ، لكن الصراحة الأمنية كانت كفيلة بامتصاص الكثير من مفاعيله . و حتى بعد غارة السموع في نوفمبر 66 ثم ما تلاها من الغارة الجوية على دمشق في إبريل 67 كانت تلك القدرة على الاستيعاب ممكنة .

60ـ وجدنا أن عبد الناصر يقرر بعد غارة إبريل أن أي استفزاز قادم سيلاقي تصديا مصريا واضحا ، وما إن جاءت تهديدات أشكول ـ رابين في 10 ـ 12 مايو 67 ضد سوريا إلا ووجدناه يتفق مع المشير على خطوات شملت نقل 5 فرق مصرية لسيناء و طلب إعادة تجميع البوليس الدولي على خط الحدود ( مع عدم مس وجودها في قطاع غزة و شرم الشيخ ) و رفع حالة التأهب للدرجة القصوى .كان مقصده على ما يبدو هو رفع الضغط عن سوريا و إجبار إسرائيل على التعامل المباشر مع مصر بما يشمله من إفقادها قدرة التهديد و الانفلات ، وكان تقديره أن احتمال الحرب لا يتجاوز 20% و ارتفع هذا الاحتمال مع سحب البوليس الدولي كلية يوم 18 مايو إلى 50% . هل كان ضروريا عندها مواصلة التصعيد بغلق خليج العقبة و هو يعلم أن احتمال الحرب سيصعد إلى 80ـ100% ؟ أما كان يستطيع شرح الأمور بالقول أنه يأخذ خطواته حسب تقديره الاستراتيجي للأمور و أن الخليج يستطيع الانتظار حتى تكتمل الاستعدادات الدفاعية في سوريا و الأردن ؟ ألم يكن قادرا على الدعوة لمؤتمر قمة مصغر يشمل العراق و سوريا و الجزائر يبحث في كيفية تدعيم الجبهة الشمالية ـ الشرقية ، ترقبا لتطورات لاحقة ؟ هل كان مضيه في قرار غلق الخليج مبعثه قناعته بقدرة جيشه على خوض معركة دفاعية في سيناء ، إن وصلت الأمور للحرب؟ هل بنى هذه القناعة على تأكيدات المشير و هو العالم بقدرات الأخير خصوصا وأنه كان على وشك العزل قبلها بشهرين ؟ نعرف أنه اجتمع بالقيادة السياسية العليا مساء21 مايو في منزله لبحث مسألة غلق الخليج .. هل وفر المشير أسانيد مقنعة بمدى استعداد القوات المسلحة ، ومدى إمكانيات قوات العدو بالمقابل ؟ بدأت القصة برسالة التحذير السوفيتية يوم 13 مايو عن حشود ضد سورية و ذهب الفريق فوزي إلى دمشق في اليوم التالي ليجد السوريين ينفون هذه المعلومات .. ما الذي قصده السوريون بهذا النفي ؟ هل فعلا لم تكن هناك حشود أم أنهم خافوا من التصعيد القادم ، وأرادوا اجتناب الفتنة خشية على نظامهم المتزعزع ؟ ماذا كانت بنتيجة الاستطلاع الجوي المصري حينها ؟

يبدو أن قرار عبد الناصر بالتصعيد لم يكن متوقفا على هذه المعلومات ، وأنه اتخذ قراره قبلها بأسابيع خمس ، أي بعد غارة 17 نيسان فوق دمشق . ما قاله إبراهيم ماخوس وزير خارجية سوريا أنه لما قابل عبد الناصر في 16 مايو نصحه بالتروي ، وأن سوريا بخير و لا داعي لتوتير الموقف هل هذا صحيح ؟نعرف أن الرئيس بعد غلق الخليج يوم 22 مايو اجتمع بالقيادة العسكرية مرتين في مايو 25 و 28 ، وفي المرتين حدد أن مصر لن يبدأ بالضربة الأولى وإنما سترد بالضربة الثانية ، كيف لنا إذن نجد المشير يأمر بضربة جوية اسمها أسد حدد لها يوم 27 مايو على مطارات النقب ، وضربة برية اسمها فهد و هدفها احتلال ايلات ؟

هل ألغي القرار قبل مقابلة السفير السوفيتي الطارئة له فجر 27 مايو( الثالثة صباحا ) أم أنه علمها به منه فقام بالإلغاء ؟ ما هي قصة خطف ضباط مصريين يوم 28 مايو عند تسللهم للنقب ؟ هل كان شمس بدران وزير الحربية هو الأصلح للمهمة الاستراتيجية في موسـكو في 25 مايو ، أم كان علي صبـري أو زكريا محي الدين ( عرفنا المشير و علي صبري من سبق و عهد لهما بمهام التنسيق مع السوفييت ) وهل حقيقة أن عبد الناصر اتباع كلام الماريشال غريتشكو لبدران عند وداعه بالمطار، من أننا بجانبكم إلى النهاية ؟ كان كلام كوسيجين لبدران ينم عن التهدئة لا التصعيد ، وبالتالي فلم يكن عبد الناصر محتاجا لتصعيد لهجته في مؤتمره الصحفي مساء 28 مايو وفيه قال أهلا وسهلا بالحرب . بعد غلق الخليج لم يعد أمام عبد الناصر إلا أن يتأكد و يثبت يوما بيوم و ساعة بساعة أن قواته المسلحة على مستوى التحدي فالمواجهة قادمة وهي مسألة أيام أو بضع أسابيع خصوصا و إسرائيل قد انتهت من تعبئة كامل الاحتياطي يوم 26 مايو . هل كانت ثقته بالقدرة العسكرية المصرية تسوغ قوله يوم 26 مايو أن هدفنا في المعركة القادمة هو تدمير إسرائيل .. بالنص ؟ما الذي فعله عبد الناصر عندما تلقى التحذير الهندي في 31 مايو بأن طائرات إسرائيلية اخترقت المجال الجوي ووصلت للقاهرة ؟ ألم يكن الاصوب أنه ما إن ارتفعت احتمالات الحرب إلى 50% يوم 18 مايو أن يفرض على المشير إزاحة القيادات القديمة غير الكفؤة و استبدالها بقيادات شابة متعلمة يمكن الركون لقدراتها على إدارة دفة معركة محتملة ؟

لاحظنا أن العديد من قادة الفرق استبدلوا يوم 25 مايو بعد تبين فشلهم في إدارة الحشد الكبير في سيناء ، لكن الغريب أن عددا من المعينين الجدد هم أسوأ الاختيارات أمثال عثمان نصار ... كيف قبل عبد الناصر بذلك و البلاد على أبواب حرب ؟ ثم لما جمع الرئيس القيادتين السياسية و العسكرية يوم الجمعة 2 يونيو ليبلغهم بتوقعه شبه المؤكد أن العمليات الهجومية الإسرائيلية ستبدأ إما الأحد 4 يونيو أو الأرجح الاثنين 5 مايو ، وستتركز على الطيران و الدفاع الجوي .. هل تأكد عبد الناصر أن قيادة الطيران ستقوم بالإجراءات الكفيلة بامتصاص الضربة و توفير القدرة على الرد بضربة مضادة ؟ المعلوم أن شيئا من ذلك لم يحدث .. أيعقل أنه حتى في أوقات الحرب لم يكن عبد الناصر مطاعا من القيادة العسكرية ؟

61ـ نأتي لـ 5 يوليو : هل سمح عبد الناصر لحسين الشافعي مصحوبا بطاهر يحيى بالطيران إلى القنال ؟ ألا يتضارب ذلك مع تحذيره من الهجوم ذلك اليوم ؟ أم أن ذلك ارتبط بالقناعة أن الهجوم الجوي إما أن يأتي عند الفجر أو عند الغروب ؟ وبالتالي فما إن بزغ الصباح عند الثامنة زال الإنذار و حل الأمان ؟ هل ينطبق ذات الشيء على مغادرة المشير جوا في الثامنة و النصف صباحا قاصدا سيناء ليقود قواته من هناك تحسبا لبدء الحرب خلال باقي اليوم ؟ حتى لو مشينا مع هذه النظرية الكلاسيكية ، ألم يكن الأجدر أن يتأكد عبد الناصر أنه على مدى ساعات النهار وحتى يحل الليل هناك مظلة جوية متشعبة تمنع المفاجأة ؟ ما علينا .. بدأ الهجوم الجوي الإسرائيلي الشامل في التاسعة إلا ربع صباحا فاتصل الرئيس برئيس أركان الطيران و الدفاع الجوي جمال عفيفي بمقر قيادته بالمقطم ليستفسر عن مجريات الهجوم فلم يجده ، ثم قام بالتوجه إلى مقر القيادة العسكرية ليجد المشير قد وصل إلى التو من رحلته المجهضة و لتتكشف له على مدار ساعتين أو ثلاثة أن الطيران قد دمر ، ألم يكن ذلك سببا لكي يقرر تولي مقاليد القيادة العسكرية بنفسه و عزل القيادات العليا وبضمنها المشير ( مع إبقائه نائبا ) ؟ كلنا نعرف أن النجاح الإسرائيلي يوم 5 يونيو اقتصر على محور العريش ، علما أن خط الدفاع الأول من الشيخ زويد غربا إلى تمد شرقا كان محصنا تماما و إمكانية الصمود عليه لتعويق الهجوم و إبطائه ، ثم الارتداد إلى خط المضائق الطبيعي حتى رغم الحرمان من الغطاء الجوي ممكنا فلما لم يجبر عبد الناصر قيادته العسكرية على ذلك كما فعل بإصرار عند قراره بالانسحاب من سيناء في نوفمبر 56 ؟ كان المطلوب شراء وقت حتى تتم استعاضة الطائرات المدمرة من الاتحاد السوفيتي و تكبيد العدو المهاجم خسائر كفيلة بإدامة الصراع لحين تحريك المسرح الدولي لوقف إطلاق النار على الحدود الدولية . لما لم يتفق الرئيس مع المشير على طبيعة الانسحاب عندما أبلغه بقراره ظهر 6 يونيو ؟ كيف للمشير أن يقوم في الثالثة من عصر ذلك اليوم بإصدار قرار الانسحاب الشامل من سيناء كلها خلال 24 ساعة دون إذن من عبد الناصر ؟ كانت الخسائر محدودة لحينه ، وكان الاختراق الإسرائيلي ممكنا احتواءه ، فكيف جرت الأمور كما جرت ؟ لماذا اعتصم عبد الناصر بمنزله بعد عودته من القيادة ظهر 5 يونيو و طيلة أيام 6 و 7 و جل يوم 8 يونيو ، وترك عامر يتخبط في قراراته ؟ أيعقل أنه ما كان ليعود للقيادة إلا بعد إبلاغه شمس بدران مساء 8 يونيو بمحاولة المشير الانتحار ؟ ثم كيف تم إبلاغ السوريين مساء 8 يونيو بشفرة مكسورة أن يجنبوا جيشهم الانخراط في الحرب بعد أن قبلت مصر وقف إطلاق النار غير المشروط ؟ ماذا كان رأي عبد الناصر أيام الحرب بأداء الجيش الأردني الذي انسحب بشكل شامل من الضفة الغربية يوم 7 يونيو ؟ ألم يشعر أن المسألة تسليم بلا قتال ؟ كيف كان رأيه بجلوس السوريين على الجدار طيلة و امتناعهم عن التدخل ؟

62ـ كيف توصل عبد الناصر إلى قرار استخلاف شمس بدران له بعد اعتزاله ؟ ألا يبدو ذلك أمرا بعيدا عن المعقول ، وانه لولا تدخل الأستاذ هيكل لإقناعه بزكريا محي الدين بديلا ، لكان بدران قد استخلف ؟ بعدما عاد عبد الناصر عن استقالته وجدناه يزيح علي صبري عن أمانة الاتحاد الاشتراكي ليعيده بعد ستة أشهر ما السبب ؟ ما الذي حدث من خلاف مع زكريا محي الدين في النصف الثاني من 67 ، هل تركز على المسائل الاقتصادية ، أم أن زكريا قد وصل لحافة اليأس من الموقف برمته وأراد الاعتزال ؟ لماذا خرج مع زكريا طائفة من الوزراء ... هل لأفهم انحازوا إليه في آرائه في الاقتصاد أم كذلك بالسياسة العامة ؟ أصبحت مسألة الرجل الثاني مع خروج زكريا غائمة فالشافعي احتفظ بمنصب "نائب رئيس " من مارس لأكتوبر 68 ، ثم بعد انتخاب اللجنة العليا للاتحاد الاشتراكي غاب هذا اللقب واكتفي بلقب عضو اللجنة للجميع مع تمييز واضح للثلاثة الكبار السادات و الشافعي و صبري .. كيف كان تفكير عبد الناصر في هذه المسألة خصوصا و أن مرضه بالسكري قد اشتد ؟ سبب ذلك الغموض تطاحنا صامتا بين الباقيين الوحيدين من مجلس الثورة القديم : السادات و الشافعي ، امتد لنهاية 69 عندما عين السادات نائبا وحيدا لرئيس الجمهورية .

ما الذي دفع عبد الناصر لهذا القرار ؟ لم يكن تآمر المخابرات المركزية لاغتياله في مؤتمر القمة بالرباط سببا مقنعا و حتى لو كان فلماذا السادات ؟ هل لذلك علاقة بزيارة الملك فيصل للقاهرة عشية المؤتمر ؟ هل أراد بالقرار أن يزيح السعودية و يجعلها أكثر اطمئنانا له و عونا في معركته القادمة ؟ هل أراد التلويح للسوفييت بورقة السادات الأكثر ميلا لليمين و الأمريكان ؟ كانت أول نذر تفضيل السادات اصطحابه من دون الباقين معه لزيارته الأولى لموسكو بعد الحرب في يوليو 68 ، ثم أن الأغرب أن السادات كان محسوبا على عبد الحكيم عامر ومع ذلك نجا من عزل رجاله بعد الحرب ... لماذا ؟ وجدنا السادات يكلف بالإشراف على دار أخبار اليوم في سبتمبر 69 ، ثم برئاسة لجنة تطهير القضاء ذات الشهر ثم بالسفر لسوريا للتفاوض مع البعث الحاكم في يونيو 69 ، ثم بالسفر إلى موسكو في ديسمبر مصحوبا بالفريق فوزي و محمود رياض .. إذن كان موثوقا بدرجة واضحة فكيف ؟ حتى لما تكشفت فضيحة الموجي في يوليو 70 لم ينل السادات من عقاب غير الإبعاد المؤقت ، ثم التصالح معه . هل هناك لغز اسمه السادات و علاقته بعبد الناصر ؟

63ـ زار عبد الرحمن عارف القاهرة في فبراير 68 .. هل صحيح أن عبد الناصر اتفق معه على نقل مجموع ثلاث فرق عراقية للجبهة الأردنية خلال الشهور القادمة ، إضافة لشراء الميراج من فرنسا ، ولمنح إيراب الفرنسية عقد الكبريت في الجنوب العراقي ؟ هل كلتا الصورة عند عبد الناصر عن اهتزاز الوضع الداخلي في العراق غائمة ؟ألم يكن لديه معلومات عن مدى هشاشة النظام العارفي الثاني ، وإمكانية الانقلاب عليه من بعث اليمين أو الرجعية المحلية ؟ نعرف أن اللواء المدرع المصري سحب من العراق بعد هزيمة يونيو ، فما هي الضمانات التي حاول عبد الناصر تأمينها لضمان عدم خروج السلطة من يد التيار القومي ؟ ألم يكن الجهد لمصالحة قومية واسعة مطلوبا لضمان استمرار العراق في الجبهة الشرقية و عدم سقوطه في يد قوى معادية ؟ لنلاحظ أنه بعد خمسة شهور من قمة القاهرة مع عارف سقط نظامه بتحالف رجعي ـ بعثي ، وبيسر شديد و أجهض تنامي الدور العسكري العراقي في الجبهة الأردنية . طبعا كان سماح الغرب لبعث اليمين بتولي السلطة مدعاته خلافه الصراعي مع كل من عبد الناصر و البعث السوري .. ألم تكن الوقاية خير من العلاج ؟ لاحظنا نفس التسيب سابقا في الساحة السورية عام 63 ، ثم في الساحة الجزائرية عام 65 ، بل و لاحظنا لا مبالاة واضحة من 61 ـ 69 في تجميع القوى القومية الناصرية الطابع عبر العالم العربي في تنظيم سياسي فاعل مع ترك الحبل على الغارب ، لماذا ؟

64ـ نعرف أن محاولة انقلاب عسكري تركزت أساسا في سلاح الطيران جرت في السعودية في يونيو 69 ، وألقي القبض على المشتركين فيها ، ثم ألقوا من الجو للموت .. هل صحيح أن مكتب الرئيس للمعلومات و مديره سامي شرف كان وراء نفاها عبد الناصر تماما ، فما هي الحقيقة ؟ هذا يعود بنا إلى عام 66 عندما استضاف عبد الناصر في نهايته الملك سعود الخصم اللدود لأخيه فيصل ، وكلف صلاح نصر مدير المخابرات العامة بالقيام بعمليات تخريب داخل السعودية ، وفعلا وقعت انفجارات عدة في مواقع حكومية هناك في ربيع 67 .. هل توقفت هكذا أساليب بعد اتفاق الخرطوم مع فيصل في أغسطس 67 و تحول الاتجاه إلى تدبير انقلاب ؟

65ـ هل كان عبد الناصر ـ عبر فتحي الديب ـ وراء محاولة انقلاب طاهر الزبيري في ديسمبر 67 ؟ نعرف أن زكريا محي الدين زار بو مدين في نوفمبر السابق ، فهل الخلاف معه وقد وصل أثناء الزيارة إلى اليأس من إمكانية التعاون معه ، ومن هنا كان التدبير لانقلاب ؟ عودة إلى 65 ... كان عبد الناصر يعرف منذ أواخر 64 لأن بو مدين يتململ استياء من بن بللا .. ألم يكن من وسيلة لضمان أمن النظام و عدم السماح بانقلاب عليه قبل وقوعه ، وبحيث لا يخسر عبد الناصر ركيزة أساسية له في الجزائر ؟ ألم يكن ممكنا وضع لواء مدرع في العاصمة يوفر الحماية لبن بللا كما كان الحال في العراق حينها ؟

66ـ ألم يكن لدى عبد الناصر شكوك في عمالة الحسن الثاني بحيث يسمح للقمة العربية أن تعقد في الدار البيضاء في أيلول 65 ، ثم في الرباط في ديسمبر 69 ؟ ألم يكن منظورا أن المداولات ستنتقل إلى المخابرات المركزية ؟ ألم يكن الأجدر إبقاء مؤتمرات القمة في مقر الجامعة العربية بالقاهرة ؟

67ـ كيف سمح عبد الناصر بانتخاب سليمان فرنجية رئيسا لجمهورية لبنان في أغسطس 70 و هو المعروف بعدائه للعروبة و المقاومة الفلسطينية ؟ ألم يطن قادرا على إقناع كمال جنبلاط بإسناد الشهابي إلياس سركيس مع الوعد بإصلاحات تخفف من سطوة المكتب الثاني ؟

68ـ نفهم عزوف عبد الناصر عن قلب النظام الهاشمي في الأردن قبل هزيمة 67 خشية احتلال إسرائيل للضفة الغربية . أما و أن الضفة الغربية قد احتلت فهل كانت الخشية مستحكمة من تدخل إسرائيلي ـ أمريكي يمنع إسقاط هذا النظام حتى في الضفة الشرقية ؟ و إذا كانت الخشية مبررة فلماذا لم يضغط عبد الناصر بكل قوته على حركة المقاومة الفلسطينية لتضبط أوضاعها و تزيل مبررات الاحتكاك مع النظام الهاشمي طوال أعوام 68 ـ 69 ـ 70 و قبل أن تقع الواقعة في أيلول الأسود ؟

69ـ طالما أن عبد الناصر ارتأى نهاية 63 تبنى سياسة مؤتمرات القمة .. لما لم يتم الانتفاع من هذه الأجواء لتفعيل الجامعة العربية لتكون جهازا تنسيقيا فعالا يفتح أفاق التعاون المشترك في مجالات الاقتصاد و التعليم و النقل و العمالة و البترول والإعلام الخارجي ؟ هذا يعود بنا إلى عهد الوحدة و كيف مرت سنواتها الثلاث دون جهد حقيقي لتوحيد اقتصاد الإقليمين ؟

70ـ لماذا مال عبد الناصر نهاية 67 إلى فكرة أن يكون وزير الحربية عسكريا يتولى منصب القائد العام ؟ ألم يكن الأصح أن يتبع سنة وزير حربية مدني يؤكد سيطرة القيادة السياسية على شؤون القوات المسلحة و يتبعه جهاز أركان حرب على رأسه رئيس هيئة أركان الحرب دون حاجة لقائد عام ؟ ألم يكن ذلك أحد دروس 67 ؟...في هذا الإطار ما هي أسباب عزل مدكور أبو العز من قيادة الطيران في نوفمبر 67 ؟ هل هي فقط فقدان الكيمياء بينه و بين القائد العام فوزي أم الخشية من شعبيته بين الطيارين ؟ ما هي أسباب عزل خلفه مصطفى حناوي و معه قائد الدفاع الجوي حسن كامل في يونيو 69 ؟ هل هي وصول الطائرات الإسرائيلية فوق القاهرة دون تصد لها ؟ نعرف أن أحمد إسماعيل رئيس الأركان و فؤاد ذكرى قائد البحرية عزلا في سبتمبر 69 بسبب عملية الزعفرانة ... لماذا إذن لم يعزل رئيس الأركان الجديد محمد صادق في ديسمبر 69 عندما جرت عملية خطف الرادار أم أنه لخليفته المخابراتية كان صمام أمن في القوات المسلحة و بالتالي غفر له ذنبه ؟ هل صحيح أن حافظ إسماعيل استدعي من سفارة باريس في إبريل 70مديرا للمخابرات العامة تهيئة له لتولي وزارة الحربية خلفا لفوزي و ليكون وزير حربية المعركة القادمة و لماذا ؟ نعرف أن أمين هويدي تولى رئاسة المخابرات العامة منذ أغسطس 67 و أجاد في عمله فلماذا تغييره شبه السريع ؟ ما سبب إخراج الفريق صلاح الحديدي من القيادة العامة ( مدير أكاديمية ناصر ) ؟ هل كان لإصداره أحكاما مخفضة على قيادات الطيران في فبراير 68 ؟

71ـ ما الحكمة في أن يكون وزير الداخلية ـ شعراوي جمعة ـ أمينا للتنظيم في الاتحاد الاشتراكي ، وأمينا للتنظيم الطليعي في سبتمبر 66 و حتى أكتوبر 68 ، ثم ليعود إلى الأول من سبتمبر 69 ( مع احتفاظه بالثاني طوال الوقت ) ؟ ألم يكن ذلك خلطا بين المهمة الأمنية و المهمة السياسية ـ الشعبية ؟ ما هي حقيقة السبب في إبعاد علي صبري عن أمانة التنظيم في سبتمبر69 ؟ تبدو قصة الجمارك و السكرتارية غير مقنعة إذ أنه لو حوسب لكانت استقالته شاملة دون الاحتفاظ بعضوية اللجنة العليا خصوصا و أن ذلك اقترن بإقالة محمود العالم الماركسي من رئاسة أخبار اليوم ... هل كانت تلك رسالة للسوفييت أم أن علي صبري فوتم في موسكو في مسألة الخلافة في أجواء مرض عبد الناصر بما سبب شكوكا عند الأخير بالأول ؟ نتذكر أن حسن التهامي عين حينها مديرا عاما للاتحاد الاشتراكي ؟

72ـ بمناسبة حسن التهامي .. لماذا أعيد من سفارته مستشارا للرئيس في إبريل 68 وهو من ÷و ؟ هل ليكون قناة واصلة مع الأمريكان ؟ ما سبب تعزيز موقعه في إبريل 70 عندما عين وزيرا من اثنين ـ الثاني سامي شرف ـ وزيرا لشؤون رئاسة الجمهورية؟ هل هي عملية التوازن إياها ؟ نعرف أن عبد الناصر تعرض لاحتشاء القلبي الأول في 11 سبتمبر69 ... ألم يكن مستحقا حينها تدبر أمر الخلافة ؟ واضح أن السادات هو أسوء الخيارات حينها و في كل وقت و أن الشافعي غير مؤهل و تغلب عليه النزعة الصوفية و الميول غير التقدمية رغم وطنيته الواضحة ، وأن علي صبري ـ ووطنيته غير مشكوك فيها ـ اصطبغ بسنت أنه المفضل لدى السوفييت و يشكو من قلة الجماهيرية رغم شعبيته البارزة في صفوف كوادر الاتحاد الاشتراكي .. ألم يكن جديرا تهيئة شخصية مدنية شابة تقدمية و كفؤة مثل لبيب شقير رئيس مجلس الأمة و عضو للجنة العليا منطقية و توليته منصب نائب رئيس الجمهورية لتدريبه على صنع القرار ؟ لماذا ترئيس أنور السادات على لجنة من ستة تقوم بأعمال رئيس الجمهورية أليس ذلك تهيئة له على النيابة لاحقا ؟ ألم يكن الأجدر توكيل اللجنة العليا للاتحاد الاشتراكي مجتمعة إضافة لبعض الوزراء الأساسيين و الأستاذ هيكل ؟ يبدو أن مقتل عبد الناصر كان سوء اختياره للرجل الثاني ابتداء بعبد الحكيم عامر و انتهاء بأنور السادات أليس كذلك ؟ ثم و أخيرا عندما دنت ساعة الأجل ما بين الثالثة و السادسة من عصر 28 أيلول 70و بالتحديد بين الثالثة و الخامسة .. هل بدر من عبد الناصر إشارة بعزل السادات من النيابة ا إبداله بأخر ؟ ما صحة قول البغدادي أنه كان البديل لكن القرار منع من الإعلان بواسطة رجال عبد الناصر ؟ وأنه بعد أن تصالحا في مايو 70 بدأ عبد الناصر يعيد تأهيله ليكون المستخلف بما شمل ذلك من التحضير لزيارة له إلى موسكو ليتعرف القادة السوفيت عليه ؟ بعد إبعاد علي صبري عن أمانة التنظيم عين في إبريل 70 أمينا للشؤون الخارجية بالاتحاد الاشتراكي ومنح رتبة فريق أول فخري ليتولى منصب مساعد رئيس الجمهورية لشؤون الطيران والدفاع الجوي .. هل كان السبب هو الحاجة إليه كقناة اتصال موثوقة مع السوفييت أم هي لموازنة القرار السالف بتعيين السادات نائبا أم الاثنين ؟ نعرف أن علي صبري زار موسكو أربع مرات بعد هزيمة يونيو ( نوفمبر 67 ، سبتمبر 69 ، إبريل 70 ، يوليو 70 ) ثم أعلن عبد الناصر في يوليو 70 أنه سيزور موسكو مرة كل ثلاث أشهر لدواعي التنسيق ... هل كان علي صبري واردا في ذهن عبد الناصر كخليفة أم أنه خارج السياق ؟ عودة لمرض عبد الناصر ... هل هناك صحة لأقاويل شاعت أن حسن التهامي ـ بمعرفة أنور السادات ـ و بترتيب مع كمال أدهم قام بتسميم عبد الناصر يوم 27 أو 28 سبتمبر كطبيب أشعر أن القتل مستبعد خصوصا و عبد الناصر مصاب بالسكري و سبق له قبل عام أن تعرض لاحتشاء قلبي .. لكن هذه الأقاويل لا زالت تتردد فهل من جواب حاسم عليه ؟

73ـ بعد عودة عبد الناصر من ليبيا في أواخر يونيو 70 اجتمع باللجنة العليا للاتحاد الاشتراكي ووضح من أقواله أنه يميل إلى قبول مبادرة روجرز ، و إذن كان أنور السادات في الصورة فكيف له و عبد الناصر في موسكو ، وبعدها بأيام أن يعلن في اجتماع للاتحاد الاشتراكي أن مصر لم تقبل المبادرة ؟ هل هو بترتيب مع عبد الناصر لبلبلة الأمريكان أم أن السادات يعترف بوحي من أحد لإفساد نوايا عبد الناصر ؟ بين هذه الواقعة و فضيحة الموجي أثناءها، ما الذي دعى عبد الناصر لمصالحة السادات وزيارته في ميت أبو الكوم في أغسطس 70 ؟

74ـ هل صحيح ما قاله الفريق فوزي بأن عبد الناصر يعد العدة لهجوم شامل عبر القنال و يصل إلى مضائق سيناء في ربيع 71 ؟ هل كانت شهور سبعة من وقف إطلاق النار ( أغسطس 70 ) تكفي لبناء قواعد الصواريخ بما يكفل تأمين غطاء لحركة القوات الهاجمة و بعمق 30 ميل في سيناء ، إضافة لتأمين الصعيد و العمق ، وبالتحديد أسوان ؟ الفريق فوزي يؤكد و الأستاذ هيكل ينفي ، فأين الحقيقة ؟ لقد وجدنا في أكتوبر 72 أن عديدا من القيادات الكبرى للقوات المسلحة ( صادق ومجموعته ) كانت ترى أن مصر غير جاهزة لعمل شامل فكيف إذا كانت القدرة متوفرة قبلها بعام و نصف ؟ ثم يأتي الشاذلي في مايو 71 رئيسا للأركان ليقـول أن القدرة موجودة أو محتملة لعبور القنال فقط و الإمساك بشريط ضيق على ضفتها الشرقية ، فمن يملك الحقيقة ؟