بَني تَميمٍ

بَني تَميمٍ، هي قصيدة من تأليف الفرزدق.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القصيدة

أَنا اِبنُ العاصِمينَ بَني تَميمٍ
 
إِذا ما أَعظَمُ الحَدَثانِ نابا
نَما في كُلِّ أَصيَدَ دارِمِيٍّ
 
أَغَرَّ تَرى لِقُبَّتِهِ حِجابا
مُلوكٌ يَبتَنونَ تَوارَثوها
 
سُرادِقَها المُقاوِلُ وَالقِبابا
مِنَ المُستَأذَنينَ تَرى مَعَدّاً
 
خُشوعاً خاضِعينَ لَهُ الرِقابا
شُيوخٌ مِنهُمُ عُدُسُ بنُ زَيدٍ
 
وَسُفيانُ الَّذي وَرَدَ الكُلابا
يَقودُ الخَيلَ تَركَبُ مِن وَجاها
 
نَواصِيَها وَتَغتَصِبُ الرِكابا
تَفَرَّعَ في ذُرى عَوفِ بنِ كَعبٍ
 
وَتَأبى دارِمٌ لي أَن أُعابا
وَضَمرَةُ وَالمُجَبِّرُ كانَ مِنهُم
 
وَذو القَوسِ الَّذي رَكَزَ الحِرابا
يَرُدّونَ الحُلومَ إِلى جِبالٍ
 
وَإِن شاغَبتَهُم وَجَدوا شِغابا
أُلاكَ وَعيرِ أُمَّكَ لَو تَراهُم
 
بِعَينِكَ ما اِستَطَعتَ لَهُم خِطابا
رَأَيتَ مَهابَةً وَأُسودَ غابٍ
 
وَتاجَ المُلكِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا
بَنو شَمسِ النَهارِ وَكُلِّ بَدرٍ
 
إِذا اِنجابَت دُجُنَّتُهُ اِنجِيابا
فَكَيفَ تُكَلِّمُ الظَربى عَلَيها
 
فِراءُ اللُؤمِ أَرباباً غِضابا
لَنا قَمَرُ السَماءِ عَلى الثُرَيّا
 
وَنَحنُ الأَكثَرونَ حَصىً وَغابا
وَلَستُ بِنائِلٍ قَمَرَ الثُرَيّا
 
وَلا جَبَلي الَّذي فَرَعَ الهِضابا
أَتَطلُبُ يا حِمارَ بَني كُلَيبٍ
 
بِعانَتِكَ اللَهاميمَ الرِغابا
وَتَعدِلُ دارِماً بِبَني كُلَيبٍ
 
وَتَعدِلُ بِالمُفَقّئَةِ السِبابا
فَقُبِّحَ شَرُّ حَيَّينا قَديماً
 
وَأَصغَرُهُ إِذا اِغتَرَفوا ذِنابا
وَلَم تَرِثِ الفَوارِسِ مِن عُبَيدٍ
 
وَلا شَبَثاً وَرِثتَ وَلا شِهابا
وَطاحَ اِبنُ المَراغَةِ حينَ مَدَّت
 
أَعِنَّتُنا إِلى الحَسَبِ النِسابا
وَأَسلَمَهُم وَكانَ كَأُمِّ حِلسٍ
 
أَقَرَّت بَعدَ نَزوَتِها فَغابا
وَلَمّا مُدَّ بَينَ بَني كُلَيبٍ
 
وَبَيني غايَةٌ كَرِهوا النِصابا
رَأَوا أَنّا أَحَقُّ بِآلِ سَعدٍ
 
وَأَنَّ لَنا الحَناظِلَ وَالرِبابا
وَأَنَّ لَنا بَني عَمروٍ عَلَيهِم
 
لَنا عَدَدٌ مِنَ الأَثَرَينِ ثابا
ذُبابٌ طارَ في لَهَواتِ لَيثٍ
 
كَذاكَ اللَيثُ يَلتَهِمُ الذُبابا
هِزَبرٌ يَرفِتُ القَصَراتِ رَفتاً
 
أَبى لِعُداتِهِ إِلّا اِغتِصابا
مِنَ اللائي إِذا أُرهِبنَ زَجراً
 
دَنَونَ وَزادَهُنَّ لَهُ اِقتِرابا
أَتَعدِلُ حَومَتي بِبَني كُلَيبٍ
 
إِذا بَحرِي رَأَيتَ لَهُ اِضطِرابا
تَرومُ لِتَركَبَ الصُعَداءَ مِنهُ
 
وَلَو لُقمانُ ساوَرَها لَهابا
أَتَت مِن فَوقِهِ الغَمَراتُ مِنهُ
 
بِمَوجٍ كادَ يَجتَفِلُ السَحابا
تَقاصَرَتِ الجِبالُ لَهُ وَطَمَّت
 
بِهِ حَوماتُ آخَرُ قَد أَنابا
بِأَيَّةِ زَنمَتَيكَ تَنالُ قَومي
 
إِذا بَحرِي رَأَيتُ لَهُ عُبابا
تَرى أَمواجَهُ كَجِبالِ لُبنى
 
وَطَودِ الخَيفِ إِذ مَلَأَ الجَنابا
إِذا جاشَت ذُراهُ بِجُنحِ لَيلٍ
 
حَسِبتَ عَلَيهِ حَرّاتٍ وَلابا
مُحيطاً بِالجِبالِ لَهُ ظِلالٌ
 
مَعَ الجَرباءِ قَد بَلَغَ الطِبابا
فَإِنَّكَ مِن هِجاءِ بَني نُمَيرٍ
 
كَأَهلِ النارِ إِذ وَجَدوا العَذابا
رَجَوا مِن حَرِّها أَن يَستَريحوا
 
وَقَد كانَ الصَديدُ لَهُم شَرابا
فَإِن تَكُ عامِراً أَثرَت وَطابَت
 
فَما أَثرى أَبوكَ وَما أَطابا
وَلَم تَرِثِ الفَوارِسِ مِن نُمَيرٍ
 
وَلا كَعباً وَرِثتَ وَلا كِلابا
وَلَكِن قَد وَرِثتَ بَني كُلَيبٍ
 
حَظائِرَها الخَبيثَةَ وَالزِرابا
وَمَن يَختَر هَوازِنَ ثُمَّ يَختَر
 
نُمَيراً يَختَرِ الحَسَبَ اللُبابا
وَيُمسِك مِن ذُراها بِالنَواصي
 
وَخَيرَ فَوارِسٍ عُلِموا نِصابا
هُمُ ضَرَبوا الصَنائِعَ وَاِستَباحوا
 
بِمَذحِجَ يَومَ ذي كَلَعٍ ضِرابا
وَإِنَّكَ قَد تَرَكتَ بَني كُلَيبٍ
 
لِكُلِّ مُناضِلٍ غَرَضاً مُصابا
كُلَيبٌ دِمنَةٌ خَبُثَت وَقَلَّت
 
أَبى الآبي بِها إِلّا سِبابا
وَتَحسِبُ مِن مَلائِمِها كُلَيبٍ
 
عَلَيها الناسُ كُلَّهُمُ غِضابا
فَأَغلَقَ مِن وَراءِ بَني كُلَيبٍ
 
عَطِيَّةُ مِن مَخازي اللُؤمِ بابا
بِثَديِ اللُؤمِ أُرضِعَ لِلمَخازي
 
وَأَورَثَكَ المَلائِمَ حينَ شابا
وَهَل شَيءٌ يَكونُ أَذَلَّ بَيتاً
 
مِنَ اليَربوعِ يَحتَفِرُ التُرابا
لَقَد تَرَكَ الهُذَيلُ لَكُم قَديماً
 
مَخازِيَ لا يَبِتنَ عَلى إِرابا
سَما بِرِجالِ تَغلِبَ مِن بَعيدٍ
 
يَقودونَ المُسَوَّمَةَ العِرابا
نَزائِعَ بَينَ حُلّابٍ وَقَيدٍ
 
تُجاذِبُهُم أَعِنَّتَها جِذابا
وَكانَ إِذا أَناخَ بِدارِ قَومٍ
 
أَبو حَسّانَ أَورَثَها خَرابا
فَلَم يَبرَح بِها حَتّى اِحتَواهُم
 
وَحَلَّ لَهُ التُرابُ بِها وَطابا
عَوانِيَ في بَني جُشَمَ بنِ بَكرٍ
 
فَقَسَّمَهُنَّ إِذ بَلَغَ الإِيابا
نِساءٌ كُنَّ يَومَ إِرابَ خَلَّت
 
بُعولَتَهُنَّ تَبتَدِرُ الشِعابا
خُواقُ حِياضِهِنَّ يَسيلُ سَيلاً
 
عَلى الأَعقابِ تَحسِبُهُ خِضابا
مَدَدنَ إِلَيهِمُ بِثُدِيِّ آمٍ
 
وَأَيدٍ قَد وَرِثنَ بِها حِلابا
يُناطِحنَ الأَواخِرَ مُردَفاتٍ
 
وَتَسمَعُ مِن أَسافِلِها ضِغابا
لَبِئسَ اللاحِقونَ غَداةَ تُدعى
 
نِساءُ الحَيِّ تَرتَدِفُ الرِكابا
وَأَنتُم تَنظُرونَ إِلى المَطايا
 
تَشِلُّ بِهِنَّ أَعراءً سِغابا
فَلَو كانَت رِماحُكُمُ طِوالاً
 
لَغِرتُمُ حينَ أَلقَينَ الثِيابا
يَئِسنَ مِنَ اللَحاقِ بِهِنَّ مِنكُم
 
وَقَد قَطَعوا بِهِنَّ لِوىً حِدابا
فَكَم مِن خائِفٍ لي لَم أَضِرهُ
 
وَآخَرَ قَد قَذَفتُ لَهُ شِهابا
وَغُرٍّ قَد نَسَقتُ مُشَهَّراتٍ
 
طَوالِعَ لا تُطيقُ لَها جَوابا
بَلَغنَ الشَمسَ حَيثُ تَكونُ شَرقاً
 
وَمَسقَطَ قَرنِها مِن حَيثُ غابا
بِكُلِّ ثَنِيَّةٍ وَبِكُلِّ ثَغرٍ
 
غَرائِبُهُنَّ تَنتَسِبُ اِنتِسابا
وَخالي بِالنَقا تَرَكَ اِبنَ لَيلى
 
أَبا الصَهباءِ مُحتَفِراً لِهابا
كَفاهُ التَبلِ تَبلَ بَني تَميمٍ
 
وَأَجزَرَهُ الثَعالِبَ وَالذِئابا