"العربي" وضعت اللبنة الأولى في الغضب المصري الهادر - محمد أبو الغار

"العربي" وضعت اللبنة الأولى في الغضب المصري الهادر، د. محمد أبو الغار.

بدأت علاقتي بجريدة العربي قبل حرب العراق الثانية بفترة قليلة وكنت قد بدأت أجد صعوبة في نشر مقالاتي في جريدة الأهرام التي أصبحت تضيق بأي نقد بسيط وكما يعلم القارئ فإن من يكتب في الأهرام يجب أن يكون عنده رقابة ذاتية وداخلية شديدة حتى يمر المقال. وذلك كان حتى قبل أن يتطور الأمر ويتخلى الأهرام عن موقعه كجريدة قومية ويتحول إلى نشرة دعائية بائسة لصالح النظام. وبدأت أرسل مقالات قصيرة على فترات متباعدة لجريدة العربي وكنت سعيداً بأنها كانت تنشر كما هي وفي مكان بارز بالصحيفة. وواكب ذلك تغيير مفاجئ في سياسة الجريدة وقد قرر الأستاذ عبدالله السناوي رئيس التحرير بأن عليه واجبا وطنيا وهو السماح بنقد النظام الذي وصل إلى أعلى رموزه وهو رئيس الجمهورية وباستثناء إرهاصات في بعض صحف المعارضة التي أوقف صدور بعضها مثل جريدة الشعب لم يكن هناك نقد منظم على هذا المستوى من الصحف المصرية وعرف الناس طريقهم إلى جريدة العربي التي نالت شعبية ضخمة بسرعة مذهلة وارتفع توزيعها وكانت هي القاطرة التي هاجمت الفساد والنظام قبل أن تصدر مجموعة من الصحف المستقلة اليومية والتي قامت بنفس الدور وكان الصدور اليومي عاملاً كبيراً في التأثير السلبي على الصحف الأسبوعية. وبالرغم من أنها مكتوب عليها أنها تصدر من الحزب الناصري إلا أنها في الواقع كانت جريدة أسبوعية مستقلة ذات طابع وطني قومي يضم كل أطياف المصريين الوطنيين. لم تكن الشجاعة والواجب الوطني هما السبب الوحيد لانطلاقة العربي بل القدرة على تحييد واستقلال الجريدة عن قيادات الحزب المتصارعة والذي استمر حتى الآن بالرغم من تصاعد الانشقاق والخلاف وكذلك المستوى الوهني الراقي في تحرير الجريدة. في هذه الأثناء طلب مني الأستاذ السناوي أن أكتب يوميات العربي في الصفحة الأخيرة وقد أعطاني ذلك فرصة للتعبير عن أفكاري في سلسلة نقد شديد ومباشر لفساد النظام المصري. وفي نفس هذه الفترة تأسست مجموعة 9 مارس لاستقلال الجامعة فكانت العربي هي الصحيفة التي ساندت الحركة بكل قوة من اللحظة الأولى وقامت بنشر أخبارها ومقالات تأييد لها ثم نشرت إعلان بيان على صفحة كاملة بأسماء 500 أستاذ جامعة يطالبون بطرد الحرس الجامعي وأمن الدولة من حرم الجامعة. لقد كانت علاقة جميلة ورائعة وكان الأستاذ السناوي يقول لي دائماً عندما أتعرض لتاريخ مصر الحديثة في مقالي "أنت ناصري بس مش واخد بالك". وأعتقد أن العربي قد ساهمت في وضع لبنة في الغضب الهادر الذي يجتاح مصر الآن. تحية للعربي وللأستاذ السناوي ولجميع الصحفيين المناضلين بالصحيفة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر